كتاب يفتت الفكر الإخواني: أثري ينبش في سؤال الدين والسياسية
إصدار جديد خرج إلى الوجود صيف هذا العام 2021، ليعيد المجتمع، والباحثين، من جديد، إلى مساءلة أمور الدين والسياسة والمجتمع، في ارتباط هذا الثلاثي المحرك للحضارة والفاعل فيها ولأجلها، دون تمفصل ولا انفصام.
عن دار “الفاصلة للنشر” بطنجة، وبتقديم للباحث الأكاديمي والعميد الدكتور حسن قرنفل، وبتعاون مع مكتبة باريس بالجديدة، صدر مؤلف “الدين في السياسة والمجتمع. بين دوغــمائية الأولين وتحريــفات التابعين” لصاحبه أبوالقاسم الشـــبري، وسيكون الكتاب متوفرا بالمكتبات داخل المغرب ابتداء من 30 يوليوز 2021.
هو كتاب يقع في فصلين وملاحق وببليوغرافيا، ينطلق من حالة المغرب ليلامس كل المجتمعات بمختلف دياناتها وإيديولوجياها، في ارتباط الدين والسياسة بالمجتمع، حيث لا دين ولا سياسة بدون مجتمع، ولا مجتمع خارج التاريخ، ولا تاريخ بلا ثقافة مجتمعية، بتعبير المؤلف. ولذلك ينادي الكاتب بمشاعية سؤال الدين والسياسة، وبتعبير الدكتور قرنفل في تقديمه “لذلك جاء شعار الكتاب من ألفه إلى يائه، هو دعوةُ كل المثقفين والباحثين والسياسيين والقوى الحية من أجل الخوض بجدية في تحليل أمور الدين والسياسة، وما يجمع وما يفصل بينهما، أو كما قال ابن رشد لتفصيل ما بينهما من اتصال وانفصال. فالموضوع مَشاع بين العشيرة والقبيلة، وعلى الجميع أن يخوض فيه حتى لا نبقى مرهونين لاستحواذ واستفراد فئة معينة بموضوع أو مجال معين. فلا يستفرد الفقهاء والسماسرة بالدين، ولا يستقوي الحداثيون على المحافظين بعولمة حقوق الإنسان، وما يصاحبها من حرية العقيدة وحريات فردية غالبا ما تُـفهم في زيغ عن مرماها وحكمتها وفلسفتها”.
كتاب يستفز السؤال مجددا عن دمج الدين في السياسة، في مقاربة تاريخية، أركيولوجية، سوسيولوجية، أنتربولوجية، سياسية، مستحضرا نشأة التدين عند المجتمعات الموسومة بالبدائية، من تأليه قوى الطبيعة إلى توحيد الإله الواحد الأحد. ومن توحيد الإله إلى فرض توحيد الرأي الواحد، في “اجتهادات” من طرف رجال الدين في مختلف الديانات، في مقابل رفض ذاك الرأي من طرف رافضين لا يفهمون في الدين إلا غلافه ونصوصا مبتورة، فتعُــم الظلامية، من كلا الطرفين.
فمن “لحية اليساريين والماركسيين والمتفلسفين” إلى “لحية الإخوان”، يلامس الباحث تاريخ نشأة الجماعات الإسلامية وتغلغلها في الجامعة ثم الثانويات، بدعم معروف لمحاصرة اليسار، وكيفية تحولها، فكريا وثقافيا وإعلاميا، من جماعات دَعَوية “وديعة” إلى حركات إرهابية أو سياسية وأحزاب، إلى أن وصلت دفة الحكم في عدة بلدان عرفت انتفاضات جماهيرية قادها شبان وشابات، حداثيون، “سافرات”.
جاء الكتاب تفتيتا لمنظومة الفكر “الإخواني”، وفي نفس الوقت نقدا صريحا للمخزن والحداثيين واليساريين، رغم تعبير الكاتب عن “ميله الجارف إلى اليسار، لأسباب تاريخية وذاتية محضة.”
ومن هذا المنطلق، جاء الكتاب تفتيتا لمنظومة الفكر “الإخواني”، وفي نفس الوقت نقدا صريحا للمخزن والحداثيين واليساريين، رغم تعبير الكاتب عن “ميله الجارف إلى اليسار، لأسباب تاريخية وذاتية محضة”، على حد تعبيره في مطلع الكتاب. وإذ يختم كتابه مطالبا بإقرار العلمانية نهجا وثقافة، فقد عرج على حث السياسيين على تقديم نقد ذاتي لكل نساء ورجالات السياسة بالمغرب، دون تبخيس ولا تقديس.
يذكر أن أبوالقاسم الشـــبري، فاعل سياسي وجمعوي، وهو باحث أثري، خريج المعهد الوطني لعلوم الآثار والتراث بالرباط ومدرسة التكوين الدولي في الثقافة بباريس. له تآليف ومساهمات في تدبير الشأن الثقافي والسياسات الثقافية، وأساسا في تثمين التراث، دراسة وتعريفا وترميما وإعادة توظيف. وله مشاركات عديدة في ندوات وطنية ودولية، داخل المغرب وخارجه، بدول إفريقية وأوربية.