كرونيك

قماقم البيجيدي

عودة إلى الربيع العربي….

تسارعت أحداث مختلفة يربطها خيط رفيع لا يرى بالعين المجردة، وتشابهت في دراميتها ودمويتها.

في تونس، يقدم مواطن على حرق نفسه حيا احتجاجا على تجاوز شرطية لحدود الكرامة الإنسانية وحرمة جسد هذا المواطن حين وجهت له صفعة قوية أمام الملا.

في البلد المجاور لتونس شرقا، شهد العالم على المباشر، تدخلا عسكريا فجا، واغتيال ملك ملوك أفريقيا ببشاعة وهمجية يعجز اللسان عن وصفهما، بينما استمرت تظاهرات عارمة، كبيرة، وبطولية، في بلد عربي إسمه مصر للتخلص من الرايس مبارك انتهت بتنظيم انتخابات فاز بها مرسي ثم انقلب ضده عسكر البلد بعد سنة وعزله .

موجة الاحتجاجات انتقلت إلى سوريا لتتحول إلى حرب بلا نهاية ولا أهداف ولا منطق.

في 20 فبراير2011، خرج المغاربة يطالبون بأشياء كثيرة، أهمها الشغل والعيش الكريم والحرية.

بعد شهر، صوت المغاربة على دستور جديد في استفتاء حضاري، تبعته انتخابات أفرزت حكومة برئاسة بنكيران.

في تقييمه للمرحلة الأولى بعد أن اصبح رئيسا للحكومة، أصر زعيم الإخوان أن كل ما تمكن من إصلاحه هو صالون وكوزينة، بمساعدة حرمه المصون.

تصوروا كل الأحداث، والقتلى والجرحى والتغييرات الكبرى في جزء كبير من العالم، والزعيم يناقش أتباعه في الزليج والترصيص والأثاث بمنزله المحترم.

ثم ينصح إخوانه وأخواته بالاهتمام بأحوالهم أولا، ويذكرهم بكمية استهلاكهم من اللحم قبل وبعد الاستوزار ومقاعد البرلمان.

هذه الأحداث موثقة بالصوت والصورة، مثل فرار زين العابدين بنعلي وسقوط طرابلس وتظاهرات القاهرة.

الناس في الناس، وعيشة في مشيط الراس.

بعد اثنين وثمانين يوما من الإغلاق، وقرابة ثلاثة آلاف ضحية، ومئة وخمسون ألف مصاب بكورونا، يرقد جزء مهم منهم في غرف الإنعاش، وبعد إفلاس آلاف المقاولات، وأزمة التعليم الخانقة وخطر انهيار النظام الصحي، يترافع نواب العدالة والتنمية للاحتفاظ بتعويضاتهم البائسة، ويطلع علينا كل يوم “قمقوم” مختلف ليهنىء صاحب البيليكي ويشد على يده ويصف كل الباقي بالمرتزقين والمشوشين والميلشيات.

نعم، كل هذا اللغط من أجل حفنة دراهم، والباقي، كل الباقي، لا يهم.

++++

زار ناقد متمرس شاعرا من أبناء الصحراء، فاستمع إلى قصائده الجميلة والمبهرة، ثم خرج يتجول في الحي.

اكتشف صدفة أن سكان المنطقة ينشدون الشعر كما يشربون الماء.

هي فطرة وملكة طبيعية لا فضل لهم فيها.

الكلمات تسقط من سماء الصحراء المتميزة على رؤوس أبناء البلد، فيصدح كل فرد منهم  بالأبيات الرائعة.

عاد الناقد للشاعر الأول وأخبره أنه أضاع وقته وطاقته في محاولة فهم موهبة هي في الأصل هبة من الطبيعة.

الدبخشي ينتمي لقبيلة تشغل وقتها بالكوزينة والصالون والتماسيح والعفاريت والمدلكات والزيجات الغريبة.

الغباء ليس موهبة، بل هبة من الطبيعة.

لا فائدة في جدال مع أناس أعطاهم الله قدرة طبيعية في مناقشة التفاصيل التافهة، و تجاهل كبريات الأمور.

اسمح لينا اسميتك….

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى

أنت تستخدم إضافة Adblock

برجاء دعمنا عن طريق تعطيل إضافة Adblock