قرارات بوريطة والجار سيء الطباع
تفوح رائحة نخوة عطرة من قرارات بوريطة الأخيرة. على الأقل، بالنسبة للمغاربة.
يقينا، أن الجيران الشماليين قد ضايقتهم هذه القرارات الحاسمة والحازمة، ربما أوقعتهم في حرج كبير مع ناخبيهم، بعد خسارة تقدر بالملايير سببها إغلاق حدود المدينتين المحتلتين سبتة ومليلية، جاء الدور على الموانئ الإيبيرية التي لن تطأها أقدام العائدين إلى أرض الوطن. استثنت وزارة الخارجية هذه السنة إسبانيا من عملية العبور المعروفة اعلاميا بعملية مرحبا.
قرار الندية في التعامل يحمل في طياته رسائل متعددة. الجار سيء الطباع يضع قدماه داخل منزل ليس له، و في قارة لا تعنيه و لا تعني مواطنيه الأوربيين. وهو يحاول الآن أن يورط دولا أوروبية في مواجهة المغرب، وهي التي تخلت منذ عقود عن مستعمراتها، وآمنت بحق الشعوب في بسط نفوذها كاملا على أراضيها ومدنها.
الرسالة الأولى تقول أن المغرب ليس حارسا لحدود وهمية تقع خارج إسبانيا.
أما الرسالة الثانية، فهي أن الانفصال واحد، سواء في إسبانيا أو في غيرها. لا يعقل إذن أن تزج إسبانيا بمواطنيها من دعاة استقلال كاتالونيا في السجن حفاظا على خارطة البلاد الموحدة، بينما تتواطأ بشكل رديء ضد وحدة جار تجمعها به أواصر التاريخ وحقائق الجغرافية.
أما الرسالة الأوضح التي وجهها بوريطة إلى الحكومة الإسبانية، فهي إعلان انتهاء زمن الدروس، فالمغرب ليس تلميذا لأحد.
كان الجنرال فرانكو يفضل حماية الجنود المغاربة له، لم يثق يوما في الجنود الإسبان بسبب تعدد الولاءات والانتماءات الجهوية القوية داخل المجتمع الإسباني.
نجح فرانكو في الحفاظ على وحدة إسبانيا، رغم تكلفة الحرب الأهلية الباهظة.
أنهت اسبانيا وجودها العسكري في أقاليم الجنوب المغربية سنة 1975، حينها بدأت مسيرة طويلة وشاقة لتلتحق بركب الدول الأوروبية. ربما تكون مزهوة بنجاحاتها لدرجة الجحود ونكران الجميل في حق حليف قوي ضد الإرهاب، هوالمملكة المغربية.
هي اليوم والآن أمام اختيار واضح؛ مساندة جار موحد وقوي أو دعم نظام عسكري يترنح، ومعه بقية باقية من حرب باردة انتهت منذ عقود.
قد تحتاج إسبانيا إلى قرار حكيم وشجاع يمسح ما سبق من خربشات ومناورات بائسة ويائسة ضد المغرب، ففي آخر المطاف، ستكون هي أيضا رابحة.
قصر النظر يجعل المرء لا يرى أبعد من أنفه، من حسن الحظ أن الداء قابل للعلاج، كما الأخطاء الناتجة عنه.
يقول المثل الإسباني: حتى أفضل كاتب يضطر أن يستخدم الممحاة.