كرونيك

في وصف المشهد ما قبل الانتخابات التشريعية المقبلة…!

يمكن ان يكتب أيا كان أشياء مختلفة، حول ما يريده هو، أو ما يطلب منه لضرورات متعددة، فالكتابة تصلح لتوضيح أمور قد تبدو غامضة للوهلة الأولى وتتطلب مجهودا فكريا لتفكيك رموزها. وجدت نفسي أعيد هذه الحقيقة المتداولة وأنا أواجه تحديا صعبا: وصف ما يجري في الساحة السياسية قبل الانتخابات التشريعية المقبلة.

جوهر الفكرة أن الكاتب يحتاج أن يحدد معالم الموضوع وزواياه. لنقل ببساطة أن وجود موضوع الكتابة شرط واضح وأساسي لبناء نص او مقال مفهوم ومقبول. فلنتذكر أن أبشع حادث قد يصيب الكاتب المبتدئ وهو لا يزال تلميذا، تلك العبارة القاتلة والموجبة لصفر لا زوايا فيه ولا أمل في مراجعته. يخطها أستاذ متمرس بدم بارد فوق الورقة التي تحمل النص: خارج الموضوع. تصبح الورقة في عداد نعوش الموتى، تحتضن جثة هامدة في طريقها إلى المقبرة.

لحسن الحظ، لا يوجد خارج أسوار المدارس والجامعات من يملك سلطة اغتيال ودفن الحروف والكلمات بحجة أنها خارج الموضوع.

الأمر أسهل بكثير عندما تتعلق الكتابة بالسياسة. أكتب ما تشاء، فليس هناك سوى خانتين اثنتين، مع الحكومة أو ضد الحكومة.

للحكومة خصوم ينتقدون أداءها، وأداء وزراءها، ولا يفوتون فرصة لتبيان مواضع الخلل ومواطن الفشل.

بالمقابل، يدافع أنصارها عما يرونه إنجازات ونجاحات.

للحكومة أيضا، في أجمل بلد في العالم، أنصار يلبسون جبة المعارضة، يدافعون عنها سرا مثل عاشق يخشى كلام الناس. هؤلاء يجعلون من كل التحاليل والتوصيفات أضحوكة يتندر بها العبثيون والعدميون.

اختلط الحابل بالنابل، واليساري باليميني والإسلامي بالحداثي، ولم تعد هناك سوى سَلَطَة كبيرة تشبه ما يسميه معظم المغاربة “نيسواز” نسبة لمدينة نيس الجميلة، رغم أن ما يقع هو من صميم الخصوصية المغربية ولا علاقة له البتة بدولة أخرى.

فهذا حزب سياسي يسمى الأصالة والمعاصرة يعتبر نفسه في المعارضة وينتقد الحكومة وفي نفس الوقت يمدح أمينه العام حزبها الأغلبي ويكاد السيد وهبي لا يفوت فرصة ليذكر العالم والناس والحاضر والغائب أنه يتحرق شوقا للجلوس جنبا إلى جنب مع ذات الحزب.

قطعا، لو حاول عاقل وصف الحالة، لنال الجملة المشهورة: خارج الموضوع.

هلامية المواقف السياسية وصل درجة عجيبة. شباط، الأمين العام السابق لحزب الاستقلال اليميني المحافظ ينتقل فجأة إلى حزب يساري يسمى جبهة القوى الديمقراطية.

خارج الموضوع ام خارج الأعراف؟ ربما خارج المنطق.

الموضوع بكل بساطة هو غياب الموضوع.

في شأن آخر وحسب تقرير قديم متداول، استهلك المغاربة في عام واحد ما مجموعه 131 مليون لترا من الخمور، تشمل 400 مليون قنينة جعة و38 مليون قنينة خمر، ومليون ونصف مليون قنينة ويسكي، ومليون قنينة فودكا، و140 ألف قنينة شامبانيا.

تصلح الشمبانيا عادة للاحتفال، أما باقي المشروبات فحسب نية الشارب، والله أعلم.

خارج الموضوع؟

قد تكون هذه هي الطريقة الوحيدة لفهم السياسة في المغرب، عدا بطبيعة الحال الاستعمالات الطبية لنبتة القنب الهندي…

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى

أنت تستخدم إضافة Adblock

برجاء دعمنا عن طريق تعطيل إضافة Adblock