في صحتك…. جمعة مباركة…!
للمرة الأولى، يتفق النقيضان على مطلب واحد: رواد الحانات ورواد المساجد يعارضون استمرار الإغلاق ويطالبون بالفتح.
لا يفهم أي منهما استمرار إجراءات خاصة تمنع الحانات من استقبال زبنائها وتمنع المساجد من إقامة صلاة الجمعة.
استفاد الاثنان من استثناء خاص، حيث قررت الدولة فتح الحانات إن كانت تشغل أيضا كمطاعم، فيما سمحت بأداء الصلوات الخمس وأبقت على منع صلاة الجمعة.
حسب دراسة ألمانية، تحتل البيوت المرتبة الأولى في سلم انتقال الإصابة، تليها دور العجزة والمسنين، ثم أماكن العمل، وأخيرا المستشفيات وعيادات الأطباء.
يحصل هذا في ألمانيا، أما في المغرب فهناك اهتمام قليل بمعرفة خطر الإصابة في الأماكن العامة.
في المغرب، أصاب الفكر الوهابي شيوخ الحركات الإسلامية ومخالطيهم سنوات قبل كورونا.
هكذا، ظهر في الشارع العام لباس غريب، قيل إنه أفغاني، تزين به أصحاب اللحي وكتموا أنفاس نسائهم تحت أثواب سوداء تغطي الجسد كاملا وتحول النساء إلى عورة لا ينظر إليهن البشر.
اختاروا شواطئ معزولة عن “المصابين” بالحداثة، ليسبحوا ويلعبوا كرة القدم ويختموا اليوم بأداء الصلاة جماعة، داخل “الحجر” الاختياري.
طبعا، لم تقبل أجهزة الدولة ظهور الأقنعة والبراقع السوداء المخيفة وأماكن “الحجر” الخاصة بالمسلمين زيادة. فككت إذن مخيمات السلفيين، وأرغمتهم على الاختلاط إن هم رغبوا في السباحة والبرونزاج.
في ألمانيا، والعهدة على الراوي، يجتمع أكثر من مليوني شخص للاحتفال بالجعة او البيرة.يرقصون،يشربون آلاف الليترات، نساء ورجالا، ثم يذهب كل واحد إلى حال سبيله دون ضرب وجرح أو اغتصاب.
يعتبر الفضاء العام مكانا مشتركا بين الناس، يجوز أن يستمتع به كل فرد، شريطة احترام الذوق العام وشروط النظافة والصحة العامة.
داخل المساجد، يصر البعض على الالتصاق المزعج بأصابع أرجل جيرانه؛ يمينا ويسارا. كما يدفع بمنكبيه بشكل غريب ومزعج. والحجة دائما، تاتي من فتاوى شيوخ الشرق.
الأماكن الدينية هي مرافق لأداء مناسك روحية، ويجب أن تبعث على الهدوء والطمأنينة والسعة.
منذ تطبيق البروتوكول الصحي داخل المساجد، صارت تبدو أفسح وأرقى، بعد أن تخلصت من قراءات قروسطوية للدين وللتدين.
يجوز إذن الإنصات للذين يطالبون بعودة صلاة الجمعة، ولكن بتدابير صارمة، مثل تحديد مسبق لعدد المرتادين لكل مسجد، وحسن توزيعهم داخل قاعة الصلاة.
أما أن ينتشر الناس كالفطر، بلا نظام داخل المسجد وفي جوانبه وحتى في الأزقة المجاورة، كما كان الحال قبل الجائحة، فهذا في الحقيقة سيكون حماقة كبيرة تشبه ما حصل خلال عيد الأضحى.
أما مطالب رواد الحانات وحتى عمالها، فلا أحد يلتفت إليها، رغم المدخول المهم الذي يساهم به الشاربون في مالية الدولة، عبر الضرائب غير المباشرة.
سنتعايش إذن مع كورونا، كما تعايشنا مع الفقر، ومع حوادث السير ومع قطاع الطرق ‘المشرملين” ليلا ونهار، ومع حراس السيارات المزعجين ومع أصوات الحانات الشعبية ومع قراءات الإسلاميين الغرائبية للدين، ومع أي شيء.
فالدين لله، والوطن للجميع بلا استثناء.
جمعة مباركة.