في رحيل أحمد حرزني..
في خاطري عرض انطباعات سريعة في حق شخصية دفعت بأوراقها بقناعة وعناد أنيق... انطباعات تلزمني (على كل حال)...
مصطفى الرابحي
أحمد حرزني منتج أفكار قوتها في سلاستها. يخرجها بلغة دافئة سخية في فتح هواءات التحليل. عباراته جاذبة للانصات ولا يركب التراكيب الصخرية الجافة. الرجل كان شديد الحرص على نشر الطمأنينة المتبادلة بين الأطراف حيال شرحه لعملية الانتقال الديمقراطي.
صرح في إحدى اللقاءات اليسارية التي حضرتها بمدرسة المعادن بالرباط العام 2001 “.. وجب علينا جميعا مد جميع المغاربة بالماء قبل مدهم بالاديولوجيا..”
كان شديد التحذير الدائم من تفشي مرضية “الثورة اللفظية” لم يبرح في كل حين صيانة المقاربات داخل الفهم السوسيولوجي الشجاع.
في كل الأحوال، قدم الرجل تصوراته ورافع عنها من دون اندفاع سلبي. اعتبرها البعض إشراقات لها أشعتها و تحفظ عليها البعض. وبعض البعض اختار إخراج البنادق للرشق. حاول عراب “القطب الديمقراطي” صياغة أطروحة حوارية جديدة داخل شَعْب اليسار و شُعَبه.
لم يلتئم الحوار و لم تلتئم الأطروحة جراء تواجد العباسيين و الأمويين في نفس الزمن. للرجل احترامه لأنه ظل وفيا لخريطة النسق الذي يفكر به. ولم يلزم أحدا باعتماد معادلة “الحمائم” و “الصقور” التي دافع عنها أيما دفاع.
سكن أحمد حرزني السجن لمدة 15 سنة. ولم تتمكن القضبان إلا من تخصيب هدوء مناضل متواضع يمشي و يأكل في الأسواق. لدي ارتسامات أخرى في حق شخصية لها تقديرها ولها صداها.
سأكتفي، غبنا، بالقول أن الفواكه الناضجة لاتكون دائما من حظ أصحاب الحقل. قد يكون هناك من يقطفها من مراقب ماكر يوجد خارج الحقل.
رحم الله أحمد حرزني.