في ذكرى رحيل الشهيد عزيز بلال
كانت لك القدرة أن تجمع الكل والجميع بفضل خصال اجتمعت فيك، من خلال الصدق والإخلاص العميق أولا، والحزم الفكري ووضوح الرؤية في تحاليلك والثبات على المبادئ في قضايا الوطن والشعب.
محمد الرمضاني – باريس/فرنسا
نقف من جديد، في ذكرى اليوم الأليم لرحيلك، يا عزيز، عن شعبك وعن رفاقك وكل من واكب شخصكم الكريم، من جميع المشارب والتيارات الفكرية والسياسية.
فقد كانت لك القدرة أن تجمع الكل والجميع بفضل خصال اجتمعت فيك، من خلال الصدق والإخلاص العميق أولا، والحزم الفكري ووضوح الرؤية في تحاليلك والثبات على المبادئ في قضايا الوطن والشعب.
ربطت بين الفكر والممارسة، فكنت المفكر المرموق والمناضل الصلب، فكنت في أول الصفوف في المسيرة الخضراء في سبيل استكمال استقلال الوطن ووحدته، وصوتا قويا من أجل تقدم البلاد والشعب، وتوسيع الديمقراطية وترسيخ دولة الحق والقانون وحقوق الإنسان، تنبذ في ذلك الحزبية الضيقة والانغلاق الفكري وتحمل دون كلل ولا ملل راية توحيد القوى الوطنية والتقدمية وتمتين تحالفها كمسألة استراتيجية لا غنى عنها وليس بغرض انتخابوي متقلب حسب الأهواء والمزاج، همك الأعلى هو الوطن لا تدخر جهداً ولا طاقة في سبيله.
وجاءت رحلتك الأخيرة لتقضي بعيداً عنه، رحلة، لم تكن تود أن تكون بين من شدوا الرحال إلى شيكاغو، وهناك كانت ليلتك الأخيرة.
كنت وحيداً في غرفتك ومضيت دون وداع، ولم يطرق بابك أحد.
كلهم نزلوا وبقيت وحدك، نجا الجميع وأسلمت الروح وحدك، في بلاد لا تحب اللون الأحمر منذ الهنود الحمر.
رغم دخان شيكاغو اللعين الذي حجبك عنا، لازلت حيا بيننا تسري بفكرك ومنهجك الثاقب، بما اثرته من قضايا في الاقتصاد وحقل التنمية رائداً وظاهرة فريدة في جمع المثقفين التقدميين المغاربة وفي بلدان أخرى.
لازالت آثار خطوك بادية للعيان، وأنت تسعى نحو تحرير الشعب والبلاد من براثين التخلف والجهل من أجل مستقبل زاهر، وكيف رسمت السبل نحو طريق التنمية والمعرفة، وجمعت بين البنى الاقتصادية والبنى اللا اقتصادية في ترابط جدلي، فأحطت بالأسباب والعوامل التي من شأنها أن تكون المسلك نحو الرقي بالإنسان المغربي وسبقت زمانك حين ربطت المادي بالثقافي، واختزلت في دقة متناهية، كل مازال يؤرق البرامج التي تحوم حول قضية التنمية إلى يومنا هذا.
واختصرت برؤيتك الثاقبة، أن هذه القضية يجب أن تتمحور في كل أبعادها ومجالاتها واهتماماتها نحو تنمية الإنسان المغربي ماديا ومعرفيا، وأنها لا تكتمل إلا إذا كانت شاملة، تعم كل شبر من هذا الوطن.
رؤيتك هذه حركت الفكر وزحزحت المقاييس وابانت أن التنمية ليست حكراً على الاقتصاديين وحدهم وإنما هي ملقاة على عاتق ومسؤولية الجميع.
نم قرير العين يا بلال، فلا زال فكرك نبراسا منيرآ ومسعاك نحو مستقبل سعيد لشعبنا نوره لن يخفت أبدا.