مجتمع

في اليوم العالمي للفقر: نسبة الفقر تزايدت، وأكثر من ثلث الساكنة النشيطة فقدت مصدر دخلها خلال الجائحة

يحتفل العالم، في 17 نونبر من كل سنة باليوم العالمي للقضاء على الفقر، ويحمل احتفال هذا العام شعار “البناء قدما إلى الأمام: إنهاء الفقر المتواصل، واحترام الناس وكوكبنا” ياتي اليوم العالمي للقضاء على الفقر 2021.. في ظل استمرار تداعيات الاقتصادية والاجتماعية لجائحة كورونا كوفيد -19 والتي لم تزد الا في تعميق جراح الفقر بالمغرب، وارتفع عدد الفقراء الى مستويات أعلى، حيث كشفت جائحة كورونا عن حقائق الوضع الاجتماعي بالمغرب وكشفت عن الصعوبات الاقتصادية والاجتماعية. فالفقر يعتبر نتيجة وحصيلة للسياسات العمومية والاجتماعية والاقتصادية المتبعة ويعدّ انتهاكاً لحقوق الإنسان، وقد تسببت جائحة كورونا، وهي أحدث المخاطر المباشرة التي تهدد جهود الحد من الفقر، في كارثة اقتصادية عالمية لا تزال تأثيراتها السلبية آخذة في الانتشار. وما لم تتخذ بلدان العالم تدابير مناسبة للتصدي لها، فإن التأثيرات التراكمية لهذه الجائحة وتداعياتها الاقتصادية، والصراعات المسلحة، وتغير المناخ، ستتمخَّض عنها تكاليف بشرية واقتصادية هائلة لفترة طويلة في المستقبل ويخلد المغرب اليوم العالمي للفقر على وقع ارتفاع ملحوظ في نسبة الفقر لدى السكان .حيث تضاعف معدل الفقر في المغرب بمقدار 7 مرات أثناء الحجر الصحي حالة الطوارئ الصحية وانتقلت نسبة الفقر من 17.1 بالمئة عام 2019 إلى  19,87 بالمئة في عام 2020، وظلت الامور على حالها سنة 2021 بسبب تداعيات جائحة كورونا، وقيود حالة الطوارئ الصحية.

أن ما يفوق ثلث الساكنة النشيطة فقدت مصدر الدخل بسبب توقف أنشطتها في ظل الجائحة استنادا للتقارير الرسمية للمندوبية السامية للتخطيط والبنك الدولي. واستمر نتيجة لذلك اتساع فجوة الفوارق الاجتماعية، رغم الجهود التي بدلتها بلادنا لتخفيض مستويات الفقر والفقر المتعدد الأبعاد وتقليص الفوارق الاجتماعية، إلا أن اغلب المؤشرات الاجتماعية تشير إلى الإخفاق في معالجة هذه المشاكل بالمغرب، التي يقارب تعداد سكانه 36 مليون نسمة، وذلك نتيجة سوء وضعف الاختيارات السياسية والاقتصادية والاجتماعية للحكومة السابقة.

فوارق اجتماعية ومغاربة يبيعون ممتلكاتهم لأجل العلاج

مع استمرار تفاقم الفوارق الاجتماعية والطبقية في المغرب، إذ كشفت دراسة لـ”المندوبية السامية للتخطيط المغربية” أن 20 بالمئة من الأسر الأكثر يسرا تحصل على أكثر من نصف المدخول الإجمالي لكافة العائلات المغربية ومنهم من تضاعفت ثروته في ظل الجائحة التي اكتوت بنارها الطبقة المتوسطة والفقيرة على المستوى الاقتصادي وتدني القدرة الشرائية للأغلبية الساحقة من الأسر المغربية كما أكد برنامج الأمم المتحدة للتنمية حول الفقر المتعدد الأبعاد أن حوالي 13 بالمئة من المغاربة يعانون من الفقر الصحي، و20 بالمئة يفقدون مدخراتهم ويبيعون ممتلكاهم من أجل العلاج بسب ضعف التغطية الصحية وغياب مظلة للتأمين الصحي، وتدني الإنفاق على الرعاية الصحية التي لم تتجاوز 5 بالمئة.

أن تقرير حديث للبنك الدولي أقر أن معدل فقر التعلم في المغرب يناهز 66 بالمئة، ما يعني أن أكثر من نصف الأطفال المغاربة لا يمكنهم قراءة نص مناسب لأعمارهم وفهمه وهم في سن الدراسة أن جائحة كورونا كشفت عن الصعوبات الاقتصادية والاجتماعية التي تعاني منها العديد من الأسر المغربية، والتي لا يمكن تجاهلها في هذه الظرفية الصعبة، التي ستزداد آثارها وانعكاساتها السلبية حدة مع حلول السنة المقبلة 2022، إذا لم تتخذ إجراءات وتدابير إصلاحية جذرية عميقة للمنظومة. لذلك على الدولة الاجتماعية الاهتمام اكثر بضحايا الفقر المدقع والفقر المتعدد الابعاد ببلادنا والعمل على تحقيق أهداف التنمية المستدامة الواردة في خطة الأمم المتحدة للتنمية المستدامة لعام 2030، وفي مقدمتها الهدف الأول المعني بـ”القضاء على الفقر بجميع أشكاله في كل مكان باعتبار أن الفقر أكثر من مجرد الافتقار إلى الدخل أو الموارد أو ضمان مصدر رزق مستدام، حيث إن مظاهره تشمل الجوع وسوء التغذية وانحسار إمكانية الحصول على التعليم والخدمات الأساسية، إضافة إلى التمييز الاجتماعي والاستبعاد من المجتمع وانعدام فرص المشاركة في اتخاذ القرارات.

من أجل مقاربات جديدة

لذلك، على الحكومة الجديدة نهج مقاربات جديدة علمية وإنجاح الاختيارات الاقتصادية والاجتماعية والتعليمية لمعالجة تنامي ظلهرة الفقر المتعدد الابعاد وتكمن هذه الاختيارات السياسية في تنزيل” المشروع المجتمعي” المتمثل في ” تعميم الحماية الاجتماعية” على جميع المواطنين واعمال نظام توزيع عادل للثروة وتمرات النمو، لتقليص فجوة الفوارق الاجتماعية. ونهج اقتصادي يستهدف زيادة نمو نصيب الفرد من الناتج المحلي الإجمالي بتحقيق نمو اقتصادي لا يقل عن 7%.

واجتماعيا، على الحكومة تحسين مستوى المعيشة لجميع السكان وخاصة الفئات الفقيرة والهشة بإيجاد فرص العمل للعاطلين، وتحقيق المساواة بين الجنسين، والرفع من اجور الطبقة العاملة وتحسين وضعية الطبقة الوسطى. اولوية القطاعات الاجتماعية على مستوى التمويل والدعم من اجل التعليم المجاني والاجباري دي الجودة للجميع، والرعاية الصحية ومظلة التامين الصحي للجميع وتوفير الادوية، ضمان الامن الغذائي والمائي من خلال تطوير المجال الفلاحي والزراعي والتنمية القروية وحماية البيئة وتخفيف اثار التغيرات المناخية من الجفاف والفيضانات والكوارث الطبعية وخلق نظام لتدبير الكوارث.

ــــــــــــــــــ

مسؤول في الشبكة المغربية للدفاع عن الحق في الصحة والحق في الحياة

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى

أنت تستخدم إضافة Adblock

برجاء دعمنا عن طريق تعطيل إضافة Adblock