في الحاجة إلى منظومة القيم
ما يقع بالمجتمعات بشكل عام، وبمجتمعنا المغربي بشكل خاص، يجعلنا نتطرق لمثل هكذا موضوع يؤثث لمشهد غريب على مستوى السلوك المجتمعي، وما ينتج عنه من عنف وصدامات متكررة يجعلنا نطرح سؤال أين الخلل؟
طبعا، للإجابة والمساهمة في طرح نقاش عمومي يتفاعل معه جميع الأطراف للخروج بجواب شافي يساهم في مسار التقويم، لا بد أن نتطرق لأمر مهم كمدخل أساسي لعملية البناء، حيث أنه من بين اللبنات الأساسية في قيام أي مجتمع بغض النظر عن دينه وعرقه ولسانه ولونه، وجب حضور قوي لمنظومة القيم والمبادئ العليا الحاكمة لهذا المجتمع.
حيث لا يمكن تصور وجود مجتمع إنساني بدون وجود منظومة من القيم والمثل العليا التي تحكم وتوجه وتضبط وتقيّم التصورات والتصرفات العامة والخاصة في هذا المجتمع.
إلى جانب التنشئة الاجتماعية من تربية وتعليم في هذا الصدد لا بد من توافر أمر مؤثر، وهي الأخلاق التي تساهم في تجويد وتكوين الفرد المثالي إضافة إلى المجتمع الراقي والدولة المتقدمة التي نطمح لها، ولكل مبدأ راهنيته في هذا الصدد لقطع شوط من الأشواط من أجل بناء هذه المنظومة في شموليتها.
إن ما وقع ليلة الاحتفال بليلة عاشوراء وما تابعناه من تخريب وتكسير واعتداء ونحن في حالة الطوارئ ببعض المدن، هو إشارة لسقطة من سقطات منظومة القيم بوطننا ورسالة لضعف السياسات الاجتماعية في البلد والسؤال من يتحمل المسؤولية طبعا هي ملفات على عاتق الجميع حكومة و أحزاب سياسية وكذا دور المجتمع المدني في التأطير والتوجيه في أفق تعاقدات من أجل إرساء مقومات العدالة الاجتماعية.
فكيف في ليلة احتفالية بمناسبة عاشوراء يتحول الإحتفال فيها إلى صدام وقبلها الاحتفال بمناسبة دينية تتمثل في عيد الأضحى وما عرفته أسواق المواشي من سلب ونهب إلى جانب مباريات لكرة القدم كذلك يتحول الاحتفال فيها إلى عنف يؤدي بحياة الأبرياء، وكيف كذلك تتحول مظاهرات لتلاميذ أمام البرلمان إلى سب بنعوت قدحية إلى جانب ممارسات بذيئة لم نعهدها في ميادين النضال في وقت كانت احتجاجات الحركة التلاميذية يضرب بها المثل، هنا وجب مراجعة شاملة من أجل أجيال قادمة لأنه إذا لم تكن المراجعة في القريب العاجل فإن فاتورة فشل السياسات الاجتماعية والتنموية سوف يدفع ثمنها الجميع غاليا وبدون استثناء.
“تجدر الإشارة إلى أن السياسة الاجتماعية تهدف لتطوير وضمان عيش كريم للإنسان وتلبية احتياجاته في مجالات التعليم والصحة والسكن والضمان الاجتماعي والتأمين ضد البطالة”.
هي محاولة إذا من أجل تفادي الفشل الأكبر والسقوط المدوي.
من هذا المنطلق، يقينا نحن بحاجة إلى إعادة النظر في المنظومة التربوية خاصة و التعليمية و الثقافية من أجل الخروج من هذا النفق المظلم، الظاهر فيها طبعا أن تنبني على العقلانية والكونية ذات الأبعاد الإنسانية من اجل تنمية أفضل، إلى هنا وجب التفكير في المشاكل القديمة بحلول جديدة حتى تعطي الثمار المنشودة للأجيال القادمة.
خلاصة القول، إن أعظم عمل يمكن أن تقوم به هو صناعة إنسان صالح في نفسه ومصلح في مجتمعه.