فعلها الكوفيد: دورة حجاج محليين…!
هاجم أبرهة الحبشي، مدينة مكة في نفس العام الذي ولد فيه النبي محمد (ص)، في ربيع الأول ثلاثة وخمسين سنة قبل الهجرة، الموافق لأبريل 571 م ميلادية.
فشلت الحملة رغم استعانة الجيش المهاجم بقطيع فيلة. كان أبرهة ينوي هدم البيت الحرام حتى يغير الخريطة التجارية النشطة التي كانت مكة مركزها. أربع سنوات بعد وفاة أبرهة، انتهى النفوذ الحبشي في اليمن وأجزاء من الحجاز بشكل نهائي.
بقيت مكة صامدة وتحولت إلى قبلة روحية ودينية عندما صار الحج من فرائض الإسلام. وبفضل الحج، تحولت مكة والمدينة المنورة إلى أكثر مدينتين يطمح المسلمين لزيارتهما من كافة أنحاء العالم.
داوم المغاربة منذ قرون على شد الرحال شرقا كلما اقترب موسم الحج.
جيل السبعينات لا شك يتذكر بكثير من الحنين وشيء من الاستغراب، السهرات التي كانت تقام احتفاء بعودة الحجاج الميامين.غالبا، تختلط رائحة العطر والجلابيب البيضاء المشعة بالمسك، بانبعاثات الأكل وبأصوات غناء جوق شعبي متواضع وبضجيح المدعوين وأشياء اخرى.
تغيرت الأمور عندما قررت السعودية منح حق الحج بحصة عددية لكل دولة. ارتفعت تكاليف الحج وأصبح تحقيق حلم زيارة الأماكن المقدسة مرهونا كذلك بالقرعة وحظ المترشح.
يجني الاقتصاد السعودي مداخيل كبيرة من وراء السياحة الدينية تصل إلى مليارات الدولارات. ساهم فيها المغاربة بملياري درهم السنة الفارطة بين حج وعمرة، حسب تقرير مكتب الصرف.
في عام كورونا، الموافق لسنة 2020 ميلادية، أقفل الحج أبوابه رسميا أمام جميع أجناس العالم واكتفى أصحاب الأرض بالاستعداد لتنظيم دورة رمزية ينشطها حجاج محليون وأجانب يقطنون بالسعودية.
نجح إذن فيروس صغير لا يملك جيشا ولا فيلة في إقفال أبواب مكة أمام الزائرين.
يمكن لمترشحي الحج استرداد أموالهم من وكالات الأسفار وصرفها في مأرب أخرى.
لم يعد يحلم معظم المغاربة اليوم سوى بزيارة مدينة مجاورة أو قضاء يوم أو يومين داخل أحواض مولاي يعقوب لترميم العظام المتعبة والاسترخاء.
أما حج هذه السنة، فلن يستطيع إليه سبيلا كل المغاربة بلا استثناء، في أول توزيع عادل حقا لسوء الحظ.