عن المرمى الاستراتيجي للحركة الصهيونية
هل لازال الحديث عن "القومية العربية"- التي انتهت أصلا منذ زمان وحتى فكرة الأمة- يجد له مكانا إزاء ما يحدثه الكيان الصهيوني من قتل ودمار وتخريب بتأييد الغرب في غزة وفي فلسطين جملة وتفصيلا؟
الهادي الهروي- سوسيولوجي
كتب عبد الكبير الخطيبي قبل 44 سنة في “النقد المزدوج” عن المرمى الاستراتيجي للحركة الصهيونية والأساس الوجودي الذي يضمن لها الاستمرارية ويحقق مشروعها ككيان ممثل للغرب في المشرق وقال: ” إن ما تصر عليه إسرائيل هو أن تطرد الشعب الفلسطيني خارج موطنه وتحول بينه وبين مشروعه، فتبلور عن طريق القوة التناقض بين الصهيونية والقومية العربية. وإذا ما ظل المجتمع الاسرائيلي يتغذى على الصهيونية فإن الحرب ستستمر سواء مع الفلسطينيين أو مع العرب بصفة عامة. إن الصهيونية التي تتغذى على ماض ملطخ بالدماء، تبعث دوما ذكرى الإبادة التي تعرض لها اليهود من طرف النازية …الشيء الذي يسمح لها …بخلق مجتمع عسكري يخشى الإبادة الجماعية. إنه إذن وعي منقسم موزع”.
السؤال: هل لازال الحديث عن “القومية العربية”- التي انتهت أصلا منذ زمان وحتى فكرة الأمة- يجد له مكانا إزاء ما يحدثه الكيان الصهيوني من قتل ودمار وتخريب بتأييد الغرب في غزة وفي فلسطين جملة وتفصيلا؟
لقد نحج الكيان الصهيوني ليس في خلق تناقض بينه وبين العرب، بل في تأجيج الصراع والتناقض بين الكيانات العربية نفسها من خلال وهم التطبيع (كقوة ناعمة) وأسطورة الوئام والتقارب و”التحاب” معها. كان لهذين العاملين (التناقض والتطبيع) دور أساسي للشروع في تحقيق فكرة الإبادة الجماعية، بالقتل والتسجين والتهجير للمدنيين الفلسطينيين في غزة ونابلس وجنين والقدس… ليس اعتمادا على حرب نظامية تعتمد القواعد المتعارف عليها دوليا، وإنما لجوؤها إلى حرب تخريبية انتقامية، فوضوية طفيلية افتراسية بتعبير Zygmunt Bauman.
ماذا نتخيل لو كتب المرحوم عبد الكبير الخطيبي اليوم حول هذه الإبادة اللا إنسانية اللا دينية واللا أخلاقية واللا قانونية التي يمارسها الكيان الصهيوني؟ ماذا نقرأ له اليوم حول انتصارات القسام والمقاومين الفلسطينيين الذين يدافعون عن قضية العرب جميعا، بل انزعج بعضهم من مقاومة القسام وحماس ومن الغزاويين ولربما من الفلسطينيين كلهم؟ ثم ألم تنجح الصهيونية في حربها اليوم عن جعل العرب والمسلمين يعيشون وعيا شقيا؟ وهو الشقاء والألم الأبدي الذي تعمل على التحرر منه وتسقطه على الغيرية؟
أخير، ماذا سيكتب محبو وأتباع ومريدو المرحوم عبد الكبير الخطيبي في هكذا مواضيع؟