علينا أن نحسن الرماية… فالسهام غالية…!
نستلهم من ماضي الأحداث ما قد ينير الطريق ويجنب من في يده القرار السياسي والمواطن معا، الاختيار الأسوأ.
“يُظهر التاريخ أن مصير بلد من البلدان يكون أحياناً رهناً بيوم واحد، ولكنه يظهر أيضاً أن التحضير لهذا اليوم غالباً ما يتطلب السنين الطوال.”
نابليون بونبارت، رجل دولة (1769-1821)
في اليوم السابع من شهر شتنبر المقبل، سينطلق جزء من أبناء المغاربة صوب المدارس بعد موافقة ذويهم المكتوبة والموثقة.
حين سيودع هؤلاء أبناءهم على ناصية الطريق، ويتتبعوهم وهم يلجون مدارسهم بعد أن تسلمت إدارة تلك المؤسسات ورقة تحملهم مسؤولية ما يمكن أن يقع، لا بد أن شكا فظيعا سوف يحاصر الآباء في كل لحظة.
ماذا لو؟
نعم، ماذا لو..؟
تركت الدولة الباب مفتوحا أمام كل الاحتمالات:
قد ينجو ابنك من العدوى. ويعود سالما كل يوم من أيام الأسبوع.
تشبه المسألة لعبة الروليت الروسية.
يحمل المسدس رصاصة واحدة، عليك أن تأمل ان الرصاصة ستراوغ فوهة المسدس في كل مرة يدور الخزان قبل أن تضغط على الزناد مضطرا.
خرج معظم الناس مجبرين للعمل ومخالطة الآخرين، فانتشرت العدوى. الحال يتشابه في جل بلاد المعمور.
هو اختيار واقعي.
بكل تجرد، لن يتمكن اقتصاد أية دولة أن يصمد أمام الحجر التام.
قبل الجائحة وبعد الجائحة، ستظل الحياة مغامرة غير محسوبة العواقب.
حوادث السير تقتل.
السرطان يقتل.
التلوث يقتل.
السيجارة، الضغط، الكهرباء، الفيضانات، نزلة البرد، خيبات الأمل، التخمة، الجوع…
لم يكن العالم يوما مكانا آمنا ومضمونا، بصفة مطلقة.
مع ذلك، ما يجعل أمر فتح المدارس أمام الأطفال شيئا يسائل ضمائر الآباء والأمهات، هو إحساس خفي أن الدولة قد حذرتهم حتى لا يحملونها لاحقا أية مسؤولية.
اعتاد المغاربة على الدولة الأبوية، الموجهة والمشرفة عل اختياراتهم، حتى في أدق تفاصيلها.
لقد خاطبتهم هذه الدولة، بلسان مذيع لمع نجمه خلال الأزمة على القناة الثانية.
ردد لازمة مشهورة.
ابقوا في منازلكم، وسيصلكم نصيب من المال لمصاريفكم الضرورية.
خرج المغاربة لشراء كبش العيد وزيارة الأحباب، فتسلل بينهم الوباء ليصل حتى المناطق النائية.
مرة أخرى، الكلام سهل.
الفعل صعب.
هي قرارات مصيرية. لا يمكن أن نضحي كليا باقتصاد البلد، ولا بحق التعليم المضمون دستوريا.
ولا بالحق في الحياة والسلامة.
في انتظار اللقاح، يحب أن نفكر جماعيا وبصوت مسموع.
أن ننصت لبعضنا، بعيدا عن منطق المواجهة.
في كتاب “النبي”، تحدث جبران خليل جبران عن الأبناء:
أبناؤكم ليسوا أبناءكم، أنتم القوس وهم السهم.
علينا أن نحسن الرماية، فالسهام غالية.
أما الهدف، فسندركه حتما بمزيد من الحكمة والتريث.