على هامش ضم إسرائيل لأراضي الضفة الغربية: في العمق، عمق القضية
في احد نصوص عبد الله العروي، يتناول هذا الأخير وبأفق استراتيجية، تيمة التحرير الفلسطيني في ضوء المتغيرات الظرفية، الاقليمية والدولية إذاك (السبعينات )،وذلك كي يدرك أي متتبع للقضية أن براعم الطرح المتعلق الآن ب”صفقة القرن” وما يماثلها من طروحات تهدف محق حق الشعب الفلسطيني في إقامة دولته المستقلة.. قد زرعت منذ تلك الفترة وما تلاها…على أي، لنرجع إلى النص:
“المشكل في العمق هو أن عرب فلسطين لم يكونوا ضحية فقط ،بل كانوا ‘موضوع ‘ تاريخ أوسع بكثير مما يستطيعوا أن يلمسوا….
لذلك، يصح القول أن العرب، كمجموعة، لا تسطيع أن تتصدى للمشكل إلا بالإعراض عنه(وهو ما تم الآن بإقرار صفقة القرن؟؟)، مؤقتا حتى تتمكن من أن تراه في حجمه الحقيقي…نحن منشغلون كلنا بهم، هم ليسوا منشغلين بنا (على أي، هم منشغلون باقتسام الريع، أعني منظمة التحرير؟؟؟).”
في البداية كان الصهاينة أقلية، وينتصر لها القوميون والمحافظون (منذ دعوة هرتزل إلى الآن)…. هل كان هذا الوضع سبب ضعف؟؟؟ يضيف العروي “بل كان سبب قوة (أي نعم). ظل اليهود يشتغلون، يتقدمون في كل المجالات… وصبت كل المجاري في نهر، محو الشعب الفلسطيني”، إرثه وذاكرته الجماعية، فأين نحن إذن من فهم بورقيبة للقضية؟؟ فات الأوان للأسف…
ليس هذا كلام على الهامش؟ فتعاطي العروي مع هذه القضية كما سلف، يعكس في تقديري فهم، الإواليات المؤسسة للقومية اليسارية العربية برمتها، وللأساطير المؤسسة لها، فهي شكلت منذ السبعينات إلى الآن، ديدن هذه القوى في سبيل النهضة والتقدم وما إلى ذلك، المتوخى في سبيل تغيير بدا هلاميا وبعيدا عن واقع التغيير ذاته.
يقول العروي مرة أخرى بهذا الصدد: “إن الفلسطينيين لا يجسدون بعملهم اليومي حقوقا قديمة، بل يولدون حقوقا جديدة ويفرضونها على على الجميع…(هذا ما تفعله إسرائيل اليوم عبر الضم، وبناء العديد من المستوطنات)..””
هذا الحكم إذن، يقتضي بالطبع أن تعي الثورة الفلسطينية تفاصيل الواقع وتطوراته، منذ زيارة السادات لإسرائيل العام ٧٩ إلى حين انعقاد اتفاق أوسلو.. وإن تستمر المدة الكافية، لكي تتضح أهدافها…
وكيفما كان الحال، فإن العامل الأساسي في كل هذا هو: إن العمل الفلسطيني ينبني على الحق الأدبي، الفلسفي، التاريخي والوجودي.. هو ليس موجودا دائما.. يحل من حين لآخر في ذوات عابرة، يبدع كل آونة، بالعمل “المتواصل وراء التنظيم الفلسطيني ووراء الدعاية الفلسطينية. وراء الدولة اللادينية، العلمانية الفلسطينية… يكمن منطق واحد إذن هو: “شمول المشروع الإنساني.. ونسبية الحقائق..””.
النصوص المذكورة مأخوذة من ‘خواطر الصباح’ لعبد الله العروي (بتصرف طفيف)