على هامش تدوينة السفيرة الفرنسية: الحاجة إلى كفاءات لها غيرة على الوطن أولا
لا أعتقد أنه من الصواب توجيه سهام النقد للسفيرة الفرنسية بالمغرب على خلفية نشرها تدوينة حول اطلاعها على الخطوط العريضة لعمل لجنة النموذج التنموي من طرف السيد شكيب بنموسى رئيس اللجنة.
فرغم أن تدوينة السيدة السفيرة فيها الكثير من الاستعلاء تجاه دولة من المفروض انها ذات سيادة وعلى هذا الأساس يجب أن يكون خطابها فيه نوع من الأعراف والتقاليد الديبلوماسية المتعارف عليها دوليا ،لكن ليست هي الملامة على ذلك بل يجب لوم ومحاسبة من عبث بالسيادة الوطنية عبر تخابره مع دولة أجنبية في قضية داخلية كان من المفترض أن تتم مناقشتها محليا.
الدول في نهاية الأمر ليست جمعيات خيرية ودائما تبحث عن مصالحها وهذا من حقها، وفرنسا لها مصالح في المغرب تريد الحفاظ عليها وتوسيعها، لكن العيب هو أن تفتح بعض الدول أبوابها لمن هب ودب في انتهاك صارخ لمفهوم السيادة الوطنية وهذا الفعل قد يرقى إلى درجة الخيانة لدى الدول التي تحترم نفسها وشعوبها.
لا أعرف ما الداعي لاطلاع الدول الأجنبية على شأن وطني خالص، خصوصا عندما يتعلق الأمر بصياغة نماذج تنموية ستكون بمثابة خريطة طريق لعقود من الزمن وستحدد مستقبل الأجيال الحالية والقادمة على مختلف الأصعدة، النماذج التنموية المعروف عليها عالميا تراعي مصالح مواطني الدولة أولا وأخيرا وليست بلد آخر.
لنفترض أن المرحلة تقتضي صياغة نموذج تنموي لا يتوافق مع مصالح فرنسا في المغرب نتيجة المتغيرات الجيو استراتيجية التي بدأت تتبلور معالمها في السنوات الأخيرة، إذن هل علينا التشاور مع فرنسا في هذه الحالة وأخذ موافقتها قبل تنزيله على أرض الواقع؟ وإذا كان هذا النموذج لا يتوافق مع مصالحها وطلبت تعديله، هل علينا الامتثال لها، أم الأخذ في الاعتبار مصالح المغرب قبل كل شيء، وكيف ذلك ونحن مسلوبي الإرادة أمام المستعمر السابق؟
استعلاء المسؤولين الفرنسيين على المغرب لن يكون الأول والأخير، فمازلنا نتذكر كيف وصف دبلوماسي فرنسي المغرب بعشيقة فرنسا، وتدوينة إيمانويل ماكرون الرئيس الفرنسي الحالي قبل شهرين وكيف خاطب المغرب حول موضوع الفرنسيين العالقين في المغرب بعد فرض حالة الطوارئ الصحية في بلادنا، والتاريخ حافل بالتطاول الفرنسي على المغرب.
شخصيا، لا أعتقد أن المشكل في فرنسا بقدر أن المشكل في مسؤولينا الذين لم يستطيعوا التخلص من عقدة الدولة الأقوى، كما أننا نحتاج إلى مسؤولين يتمتعون بقدر كبير من الوطنية والفخر بالانتماء للوطن.
فماذا سننتظر من مسؤولين يحملون الجنسيات الأجنبية وجوزات سفر حمراء وبالكثير من الفخر والتباهي، فهل سيدافع هؤلاء، مثلا، عن مصالح وطنهم الأم أو مصالح الدول التي يحملون جنسيتها؟ وعلى هذا الأساس، لا يجب أن ننتظر مسائلة ومحاسبة هؤلاء المسؤولين الذين يضعون مصالح فرنسا فوق مصالحنا الوطنية.
قبل البحث عن الأطر والكفاءات، يجب البحث عن مسؤولين لهم غيرة على الوطن أولا.