كرونيك

عفوا حكيم عنكر، الكلمات ترفض مطاوعة القلب…!

الشعر قد يصنع السياسة.

والسياسة قد تصنع الرجال.

بل إن رجال السياسة قد يختارون طريق الحرب بسبب أبيات الشعراء.

ومشاركة الكلمة في الحرب والسياسة مشاركة قديمة.

ألقت الشاعرة الجاهلية عفيرة بنت عباد في قبيلتها قصيدة استنكار وتحد لاستسلامهم لظلم قبيلة طسم.

وَلَوْ أَنَّنَا كُنَّا رِجَالاً وَكُنْتُمُ

نِسَاءً لَكُنَّا لاَ نَقَرُّ بِذَا الْفِعْلِ

فَمُوتُوا كِرَامًا أَوْ أَمِيتُوا عَدُوَّكُمْ

وَدِبُّوا لِنَارِ الْحَرْبِ بِالْحَطَبِ الْجَزْلِ

وَإِنْ أَنْتُمُ لَمْ تَغْضَبُوا بَعْدَ هَذِهِ

فَكُونُوا نِسَاءً لاَ يُعَبْنَ مِنَ الْكُحْلِ

لم يتحمل رجال قبيلة الشاعرة عفيرة قوة وعنفوان الكلمات، فقاموا للحرب وانتصروا على عدوهم.

والسياسة قد تصنع الشعراء كذلك.

يفخر اليسار الشيوعي الفرنسي بالشاعر لويس أراغون.

الرجل كان كاتبا وسياسيا وصحافيا، ولكن قبل كل هذا شاعرا مميزا.

حرض أرغون الفرنسيين على مقاومة الاحتلال النازي، وانتشرت كتاباته المعروفة حينها بمنشورات منتصف الليل، بين صفوف الرافضين للاحتلال والباحثين عن وطن حر.

هكذا هو الشعر. يصنعه الإنسان، فيصنع هو الإنسانية.

لويس أراغون بدأ حياته لقيطا، ثم أصبح ابنا لكل فرنسا، تفخر به وتبناها بشعره.

كتب عبد اللطيف اللعبي، وهو من مناضلي اليسار المغربي ومن شعرائه أيضا:

آهٍ لو أن السكينةَ

هي التي ستكون بالانتظار

قد يصبح الرحيلُ نعمة

كانت القبائل العربية القديمة تحتفل بميلاد الشعراء، وتقيم الولائم والأفراح لمن سيصنع لها مجدا لن يضيع.

ميلاد الشعراء عيد، أما رحيل الشعراء فمحزن.

حين تجتمع في روح واحدة، بذرة الحرية، ومبادئ اليسار الإنساني المدافع أبدا عن الشعب، يصعب التأبين وترفض الكلمات أن تطاوع القلب.

توفي صبيحة يوم الأربعاء 9 دجنبر 2020، في إحدى مصحات مدينة الدار البيضاء، الزميل حكيم عنكر، الصحافي والشاعر، بعد معانة مع فيروس كوفيد19.

انا من الواثقين ان السكينة هي التي ستكون في الانتظار،فالشعراء صادقون دائما.

فلينعم بالسكينة الأبدية،و كل العزاء لليسار المغربي.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى

أنت تستخدم إضافة Adblock

برجاء دعمنا عن طريق تعطيل إضافة Adblock