عزيز ادمين عن غياب وزارة لحقوق الإنسان ضمن حكومة أخنوش: عشنا عطبا دستوريا حقيقيا
نوه الباحث والخبير الحقوقي عزيز إدمين بغياب وزارة حقوق الإنسان من التشكيلة الحكومية لحكومة عزيز أخنوش.
ووصف ادمين أن وجود وزارة لحقوق الإنسان ب”العطب الدستوري.” مؤكدا “كنت، ولا زلت، مدافعا شديدا على الغائها.”
وبخصوص الدوافع التي أسست لموقف أدمين من وزارة لحقوق الإنسان، أبرز الخبير الحقوقي أن “وجود آلية بين حكومية تتولى التنسيق بين مختلف القطاعات الحكومية في مجال حقوق الانسان، هو أحد توصيات اعلان وبرنامج فيينا لسنة 1993، وبالتالي ضروري ان توجد هذه الالية لتعزيز حماية والنهوض بالحقوق الحريات، وهو ما دفع المغرب الى أحداث المندوبية الوزارية لحقوق الإنسان في مارس 2011، والتي اعتبرت من قبل المفوضية السامية لحقوق الإنسان التابعة لمجلس حقوق الإنسان بجنيف (تصريحات نافي بلاي) من الممارسات الفضلى ، التي على الدول الاقتياد بها.”
واعتبر أن “وجود وزارة حقوق الانسان، يعني جعل الحقوق والحريات قطاع احادي وعمودي، في مقابل ان الحقوق والحريات هي عرضانية في كل القطاعات الحكومية، الصحة، التعليم، الشغل، السكن، المدنية والسياسية التي تشرف عليهما وزارة الداخلية والعدل في حدود معينة، يعني وجود قطاع دي نفس احادي لحقوق الإنسان هو مخالف تماما لمبدأ العرضانية والافقية كما اوصت بذلك مبادي فيينا.”
وعلى عكس الآراء التي رأت في غياب وزارا لحقوق الإنسان ضمن تشكيلة حكومة أخنوش، والذين اعتبروها “مؤشرا سلبيا”، ومطالبين ب”الإبقاء عليها”، شدد إدمين على ان “التدخل والازدواجية، بين وزارة حقوق الإنسان والمندوبية الوزارية، أدى إلى شلليهما معا، خاصة وان كل من وزير حقوق الإنسان ومندوب حقوق الإنسان يستمدان مشروعية وجودهما من خلال ظهائر التعيين، ظهير تعيين “منتخب” وهو وزير حقوق الانسان، وظهير تعيين “معين” وهو المندوب، فإن كانت القوة الدستورية لكليهما متساوية، الا ان الاعراف التقليدية والممارسة السياسية وفق النظام السياسي المغربي تميل دائما إلى ترجيح قوة “المعين” على “المنتخب “.
إضافة إلى “حصر مسألة حقوق الإنسان في قطاع واحد، يجعل المخاطب شخص واحد، اما الغاء الوزارة، فالمخاطب الان أصبح متعدد، كل وزير وفق اختصاصاته…”
وأوضح اديمن أن “وزارة حقوق الإنسان، كما المندوبية الوزارية، ليست آلية حمائية، لكونها جزء من الجهاز الحكومي، ودورها تزين وجه الدولة في الخارج وشماعة تعلق عليها الانتهاكات المرتكبة من قبل وزارة الداخلية او أجهزة او هيئات أخرى.”
وعلل: “يقال، ان وجود وزير حقوق الانسان في الحكومة، ضروري للتقابل مع وزارة الداخلية، وتحقيق نوع من التوازن، وايضا من أجل إيصال الصوت الحقوقي في المجالس الحكومية، وهذه الحجية ضعيفة جدا، لكون اغلب وأشد الاعتقالات والانتهاكات كانت في فترة وجود حقيبة حقوق الإنسان، ولم تؤثر ابدا على تصحيح الاوضاع، باستثناء التدخل هنا أو هناك للسماح بتنظيم نشاط معين او تسليم وثيقة معينة لشخص ما.”
إلى ذلك اعتبر الخبير الحقوقي أن “هيئات الحماية، هي القضاء بالدرجة الأولى، البرلمان، المجلس الوطني لحقوق الإنسان، والجمعيات الحقوقية، وليس الحكومة ولا وزارة ما… لهذا على الجمعيات الحقوقية ان تكون هي الوزارة الحقوقية المدنية الموازية للحكومة في مختلف المجالات، والسياسات الاجتماعية، والحقوق المدنية والسياسية، والتشريعات، والترافع أمام هيئات الأمم المتحدة، وتتبع ومواكبة التوصيات والتعهدات الطوعية للدولة المغربية …”
وأبرز أحد أهم الأسباب التي بنى عليها موقفه: “عشنا عطبا دستوريا حقيقيا، ومازالت ارتداداته مستمرة، بإحداث المندوبية الوزارية بمقتضى مرسوم، اي انها تدخل في المجال التنظيمي لرئيس الحكومة وفق الفصل 72 من الدستور، في حين ان المندوب الوزاري معين بظهير ملكي، في غياب اي سند دستوري او قانوني.”
واسترسل: “فالملك بمقتضى الفصل 42 من الدستور، يمارس مهامه بمقتضى ظهائر من خلال السلطات المخولة له صراحة، واسطر على كلمة صراحة، بنص الدستور.
وبالعودة للدستور، فلا نجد اي منصب متعلق بالمندوب الوزاري، كما أن القوانين التنظيمية والعادية لا يوجد منها ما يخول للملك سلطة تعيين المندوب الوزاري.
وحتى ظهير تعيين المندوب الوزاري لم يستند على اي نص دستوري كما جرت به العادة في جميع التعيينات الأخرى.
وهذا العطب الدستوري، سيستمر إلى غاية تصحيحه بإصدار نص تشريعي(قانون) وفق الفصل 71 من الدستور الذي ينص على: يختص القانون بكل ما يتعلق بالحريات والحقوق، ويضيف الفصل نفسه ايضا: إحداث كل شخص اعتباري من أشخاص القانون العام.
بهذا النص القانوني، يمكن للملك ممارسة سلطة تعيينه بظهير وتحدد بشكل دقيق اختصاصات المندوبية وعلاقتها بالحكومة والبرلمان والهيئات الأخرى والمجتمع المدني.”