عزالدين عماري يطرح أسئلة الإخفاق في الكاميرون
ما إن انفض جمع المنتخب الوطني لكرة القدم بالكامرون واتجه كل إلى ضالته، حتى انقسم الشارع المغربي على نفسه.
فريق دعا إلى تعميم هاشتاغ يطالب فيه برحيل وحيد خاليلوزيتش وتحميله مسؤولية الإقصاء.
فريق وجه فوهة مدفعه نحو مصطفى حجي، مساعد المدرب. آخرون قلبوا الطاولة على الجميع، من فوزي لقجع رئيس الجامعة إلى وحيد ومحيطه بمن فيهم حجي إلى آخر لاعب لم يكن أهل لحمل قميص المنتخب.
وإذا استمر هذا اللغط والهرج سيعلن عن تشكيل لجنة تقصي إلى أن يقترب موعد مباراة السد ضد الكونغو الديمقراطية المؤهلة لكأس العالم قطر 2022 ولكل حادث حديث.
أنذاك سنطوي الصفحة وخاصة إذا وقعت معجزة وتجاوز المغرب كتيبة الكونغو الديمقراطية التي يقودها المدرب الداهية هيكتور كوبر الذي سبق له تعرية المدرب هيرفي رونار في مواجهة الفراعنة بالكأس الافريقية الماضية.
دعونا من كل هذا اللغو الذي سبق أن رددناه عشية كل انتكاسة كروية.
إن تحميل المدرب مسؤولية الإخفاق لن نقبل بها كشماعة، فلقد سبق لنا تحميل المدربين وأطقمهم مسؤولية الإقصاء، وغيرنا المدربين ..!
إن التوجه بالنقذ إلى لجنة المنتخبات التي يرأسها رئيس الجامعة الملكية المغربية لكرة القدم فوزي لقجع ليست بمبرر مقبول، لأنه كلما تم اقصاءنا رياضيا هنا أو هناك، نجلد الرئاسة واللجان والمشرفين والوفود المرافقة.
لست هنا لأبرئ ذمة هؤلاء أبدا، كلهم يتحملون مسؤولية الإقصاء مناصفة، بمن فيهم اللاعبين، خاصة أننا نفضل اللاعب المحترف بالبطولات الأوروبية وغيرها على اللاعب المحلي ذي الخبرة المحدودة.
اتفقت قبيلة المتجادلين في الموروث على قاعدة مهمة، مفادها أن التفوق في طرح سؤال صحيح هو بمثابة إجابة، فكم من سؤال يحتاج إعادة صياغة أو توضيب ونحن في هذا الرأي نروم طرح أسئلة صحيحة قد تحتمل بعض الإجابة.
1 – يجمع المدرب وحيد وطاقمه عقد مع الجامعة الملكية المغربية لكرة القدم محدد الأهداف، كناش تحملات بمقتضاه توفر الوزارة الوصية على الرياضة ومعها الجامعة الملكية لكرة القدم الشروط اللوجيستيكية والمادية والامتيازات والتسهيلات لتحقيق أهداف العقد (أغلبها دعم من المال العام).
ويجمع فوزي لقجع باعتباره رئيس الجامعة الملكية المغربية لكرة القدم ورئيس لجنة المنتخبات مع المواطنين المغاربة عقد السهر على تنفيذ وتطبيق كل الالتزامات التي تبرمها الجامعة الملكية ولجنة المنتخبات لتحقيق الأهداف، مع صرف جيد للاعتمادات المالية وعدم القبول بأي هامش من الخطأ لتضييع وتبديد تلك الأموال العمومية دون تحقيق مقتضيات وأهداف العقد.
2- صرح فوزي لقجع، حين وقعت الجامعة عقدها مع المدرب وحيد للرأي العام في ندوته الصحافية، “إننا أمام عقد بأهداف رئيسة (objectif majeur)، يهدف الوصول على الأقل لنصف نهائي كأس إفريقيا الكاميرون 2022 والتأهل لكأس العالم قطر 2022.
السؤال الأول:
هل حققنا فعلا الأهداف الرئيسية من عقد المدرب وحيد خاليلوزيتش بحجم الأموال المرصودة والهامش الكبير في الاختيار دون حسيب ولا رقيب.
الجواب، لم نحقق أي شيء بل الكارثة أننا ليلة مباراة مصر أكدنا لإفريقيا والعالم بأننا لم نبني فريق متنافس، وجدنا أنفسنا أمام منتخب فاقد للبوصلة، عديم الجدوى.
نحن على أبواب مباراة سد مع الكونغو الديمقراطية للتأهل لمونديال قطر بما يفيد أكثر أننا لم نستطع بناء فريق قوي منذ مجيء البوسني الفرنسي وطاقمه على رأسه مصطفى حجي.
أي أننا أمام هدر لسنوات عديدة، وفشلنا في بناء فريق يختاره وحيد خاليلوزيتش ويستدعي له من يريد ويقصي من يريد !؟
ليسنا الآن أمام صرف أموال عمومية وفقط، دون تحقيق بنود العقد، بل أمام هدر وتفويت للفرصة على الفريق الوطني المغربي في البحث عن أسماء أخرى كان بإمكانها تحقيق ما لم تحققه تشكيلة البوسني وحيد.
السؤال الثاني:
ظلت العديد من الأصوات قبل دورة الكامرون، تنبه إلى محدودية أداء المدرب وحيد خاليلوزيتش. انتقذت أصوات أخرى إستمرار مسلسل المدرب وحيد في تغيير اللاعبين وتجريب أسماء كثيرة مع ما رافق ذلك من تغييب ممنهج لللاعب المحلي، وإسقاط إسمي كل من زياش ومزرازي من لائحة المنتخب وآخرون.
ولا أحد أخد هذه الانتقاذات محمل الجد أو وضعها تحت المجهر لأن ما حققه فريق وحيد خاليلوزيتش من انتصارات محتشمة مع فرق ضعيفة غير تنافسية، وأغلب المباريات أجريت بالمغرب، جعلت الجميع وخاصة المنتقدين لاختيارات خاليلوزيتش يفضلون الصمت خوفا من تهمة التشويش.
ستكتب الكاف على أوراق السجل التتويجي للمنتخب المغربي لكرة القدم ” لا تتويج بالدورة 33 للكاف”.
هو انكسار ليس بالجديد إذا نحن استثنينا دورة ميكسيكو كأس العالم 86 ودورة تونس كأس إفريقيا 2004، وأي حديث عن التتويج بكأس أمم إفريقيا في نسخته الأولى فهو للاستهلاك لا غير.
تشهد كل البطولات القارية والعالمية وحتى القطرية أن التتويج لا يخرج عن المعادلة التالية:
أولا: فريق تنافسي قوي يضم أسماء وازنة خليط (من الدوري المحلي والبطولات الأجنبية)، كلبنة أساسية ومن بعد تنويع الاختيارات التكميلية.
ثانيا: طاقم إداري وتقني محترف خبير ومؤهل لقيادة الفريق، خليط (أطر رياضية مشهود لها بالكفاءة والمصداقية وأطر تقنية مبدعة مجتهدة من حولها إجماع).
حين نصل إلى توفير هذه الشروط والظروف أنذاك يحق لنا أن نساءل من حملناهم مسؤولية حماية العقد المبرم أفقيا وعموديا.
اليوم نحن أمام إعادة تجريب وصفات سبق لنا التسلح بها إفريقيا وعالميا، ولا يحق لنا احتراما للوطن وللمواطنين أن نعيد على مسامعهم هذه الاسطوانات المشروخة، إنه ضحك على الدقون.
لا الإدارة المشرفة كانت في مستوى التحديات لما بعد مرحلتي الجينيرال حسني بن سليمان وخلفه الفاسي الفهري، ولا هي نجحت في اختيار الأفضل لما بعد مرحلة الزاكي المقال ولا مراحل غيريتس ورونار.
بالعودة لمرحلة ما بعد وحيد خاليلوزيتش الذي أصبح الشماعة التي يعلق عليها الجميع مساهمته في الإخفاق، نجدها مراحل هي الأخرى كانت بعلامة الصفر ولم نحقق الأهداف. الجامعة الملكية المغربية والإدارة التقنية للمنتخب فشلا في تحقيق التزاماتهم ووعودهم.
لكل التزام ووعد وتحديد أهداف فاتورة من المال العام تصرف على هدف معين؟ !
نحن أمام سنين من الوعود والالتزامات اتجاه دافعي الضرائب ولا شيء تحقق ولا محاسبة قامت وجرت.
حين نبني بنيانا مرصوصا فالأكيد أنه سيقاوم كل إعصار.
المسألة إذن مسألة نجاح أولا وأخيرا في التصميم والبناء.