عبد اللطيف الصبيحي يكتب عن: الإردوغانيين المغاربة…!
أحقا كما يشاع وكما يفهم من مجموعة من النقاشات سواء في العالم الازرق اوفي التجمعات العامة وعلى كثرة تعدادها ارتفاع عدد ما بات يطلق عليهم ب” الإردوغانيين” المغاربة، الذين، فجأة، اكتشفوا ما يقال عنها نهضة اقتصادية لا يعلم إلا القلة مصدرها؟ على أي ما يهمنا في هذا الموضوع هو التأكيد على أن هدا الانبهار والتعلق راجع بالأساس إلى إصل الطبيعة الدينية لعموم المغاربة الذين يرون ويسمعون عن نموذج إسلامي ناجح استطاع أن ينتج خطابا أكثر ما يمكن أن يقال عنه أنه لا يصلح إلا أن يكون على خشبة المسرح لا في مضامير السياسة لصعوبة تجسيده على أرض الواقع والامثلة على ذلك كثيرة أشهرها مافاه به “إردوغان” في إحدى خطبه الشهيرة تهديده ل”بشار الأسد” أنه قادم إلى عاصمة الأمويين وأنه سيصلي بالجامع الأموي، معلنا بذلك نيته استعادته لمطمورته العثمانية، وهاهو الآن يحاول التغطية على هذا الحلم الفاشل الذي تحطم على أسوار دمشق والتعويض عنه بالرغبة كذلك في إحياء العهد الأول للعثمانيين ممنيا نفسه بالصلاة بالمسجد العتيق ب”بنغازي” معقل المشير “حفتر”.
ما يلفت النظر هو تجاهل معظم “الإردوغانيين” المغاربة ما تناقلته أغلب الصحف العالمية لمدى الروابط والمصالح القوية التي جمعت “إردوغان” وتنظيم الدولة المعروف باسم “داعش”، وتواطؤه معه في سرقة البترول السوري، كما لا أعتقد انهم لا يعرفون أن عددا كبيرا من قيادة الصف الأول لهذا التنظيم تتواجد بالعاصمة “اسطنبول” وبالضبط في أرقى أحيائها وتحظى بامتيازات عديدة؛ كل ذلك على حساب معاناة الشعب السوري، كأنما الشعب السوري لا يدين بالإسلام الذي يتظاهر بالحمية والغيرة عليه ويذرف الدموع، كما أن له من القدرة على استغلال مآسي المسلمين في كل أرجاء العالم وتحويلها إلى رصيد سياسي، هذا إن لم نتردد في قول أن له يدا في افتعالها.
إني أستشعر عن بعد فرحة “الإردوغانيين” المغاربة بتصويت البرلمان التركي على التدخل عسكريا في “ليبيا”، كما لا أفهم سر صمتهم عن إقصاء بلد كالمغرب كانت له مساهمات ومبادرات لوضع حد للاقتتال في ليبيا، وأخص بالذكر لقاءات “الصخيرات” من مؤتمر “برلين” حيث استنكر “ماكرون” هذا الإبعاد وكشف به عن تخبط السياسة الخارجية للاتحاد الأوروبي الذي يتحمل المسؤولية الكاملة لما وقع في “ليبيا”، وقبوله بحشر بلد بعيد ك”تركيا” عن المنطقة أنفه في شؤون مغاربية محضة، لا يهمه سوى حظه من الغاز والبترول كما أنهم ربما يخفون إعجابهم بالعجز التجاري لصالح “تركيا” وصلت بهم الحمية إلى استدعاء وزير التجارة لمساءلته عن تصريحات تتعلق بالتجارة معهم.
الجفاء العثماني مع المغرب وأهل المغرب ضارب في التاريخ، وهم لم يستسيغوا إلى الآن كيف تمكن المغرب وسلاطينه من الوقوف في وجه الأطماع العثمانية وحفاظه على وحدته التي انحبست في الجزائر، حتى انخرط أحد الشعراء المغاربة على إثرها في عكس هذا التنافر بقوله في هذين البيتين:
لا تركنن إلى تركي _ وإن زادت عبادته
فإن جاد فعن غلط _ وإن تمرد فعن أم وأب
وكل تمرد وانتم..!