كرونيك

عالم الأحزاب السياسة في المغرب: فرجة ممتعة…!

من أغرب ما يقع في عالم الأحزاب السياسة بالمغرب، التحالفات العجيبة والغريبة. بعض منها يستحق أن يتابع بكل شغف مثل موضوع حلقة من حلقات قناة ناشيونال جيوغرافيك، لأنه يذكر بعالم الحيوانات أكثر مما يوحي بأنه وليد تفكير ومسار ايديولوجي وتنسيق في الرؤية او في الأهداف.

في باب ما هو غريب وخارج عن المألوف، يمكن لحيوانات من فصائل مختلفة أن تعمل من أجل هدف واحد، فتمد يد العون لبعضها قصد بلوغ ما تريد.

على سبيل المثال، قد يعيش كائنان اثنان؛ زاحف وطائر، في جحر واحد.

في جزر صغيرة بالقرب من شواطئ نيوزيلندا، يعيش زاحف غريب ونادر يسمى توتارا. يقطن هذه الجزر أيضا الكثير من طيور البحر المسماة بطيور النوء، التي تبني أعشاشها في جحور في الأرض. في بعض الأحيان تستخدم زواحف توتارا جحرا يشغله طائر النوء.

يتحالف إذن الزاحف الغريب والطائر البحري.

زواحف التوتارا تعيش على الحشرات، فهي تحفظ جحر الطائر نظيفا وخاليا من الطفيليات.

تستفيد طيور النوء من خدمة النظافة، بينما تتمتع الزواحف بطعام سهل ومتوفر.

عودة إلى عالم السياسة، غادر حزب التقدم والاشتراكية حكومة العدالة والتنمية بعد أن نفذ منه مخزون التنازلات. ظل زعيمه يردد أن وجود الحزب هو صوت لليسار، ودرع ضد التطرف وحماية للحريات الفردية وما إلى ذلك من كلام كثير اوصله الى باب الخروج، بعد أن تقلص الحزب وقل مناصروه وأتباعه.

على الأقل، قادة هذا الحزب قايضوا افكارهم اليسارية بكراسي حكومية معدودة. قالوا لمن عاب عليهم تحالفهم الغريب، انه من أجل الوطن.

حزب الأصالة والمعاصرة بدأ مشوارا رنانا في المعارضة منذ نشأته، قرع طبول الحرب ضد حزب العدالة والتنمية رأسا. صاح صباح ومساء أنه جاء لمحاربة الإسلاميين.

ثم وقعت أشياء غريبة أيضا لهذا الحزب: مسيرة مجهولة ذكر فيها اسمه واسم شخص يدعى ولد زروال، استقالة لمؤسسي الحزب وابتعادهم عنه قدر الإمكان، مؤتمر رابع يشبه دوري مصارعة حرة، ينتهي بتلاوة القرآن لتهدئة النفوس و”المناضلين” وكأن المكان دكان رقية شرعية لا حزبا سياسيا.

أخيرا، خرج قادة الحزب الجدد للعلن، ليعلنوا بكل ثقة عن تحالف مع الخصم السابق: حزب العدالة والتنمية.

في تحالف الزواحف والطيور على الجزيرة الصغيرة قرب نيوزيلاندا، يحدث أن تكون النهاية مأساوية، نظرا لأن زواحف التوتارا تأكل البيض والطيور الصغيرة في أحيان كثيرة، فتخسر طيور النوء أبناءها ومستقبلها، وربما وجودها واستمرارها، جراء حلفها الهجين مع الزواحف.

حزب الأصالة والمعاصرة يبدو هذه الأيام كمن يبحث عن المسمار الأخير وعن نجار ماهر يجيد استعمال المطرقة لدق ذات المسمار.

حزب العدالة والتنمية سبق وأن أنهي أشياء كثيرة جميلة في هذا البلد، منها التقاعد المنصف للعاملين بالقطاع العام، الأمان الوظيفي لمدرسي الأجيال القادمة، حزبي التقدم والاشتراكية والاتحاد الاشتراكي.

التحالف القادم لحزب البام سيكون دون شك هو الأخير إذا ما أصر عليه رغم معارضة قواعده وتضاربه مع قواعد التأسيس، تحالف لن يحدث إلا شريطة الفوز أولا بحفنة مقاعد في الانتخابات القادمة. لهذا السبب، فالحزب يبحث عن اعيان يملكون القدرة على الفوز، ولا يلتفت إلى مناضليه ومناضلاته.

الزعيم السابق لحزب اللامبة كان سباقا لتوسيع معجم السياسة ليشمل أنواعا من المخلوقات مثل التماسيح والعفاريت، لا ضرر إذن إن اختلط عليكم طائر النوء وتحالفات الأحزاب السياسية وزواحف التوتارا والغباء والعبث.

فهم ما يقع في السياسة الحزبية ليس شرطا اساسيا لمتابعتها، ولا حتى لممارستها.

فرجة ممتعة.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى

أنت تستخدم إضافة Adblock

برجاء دعمنا عن طريق تعطيل إضافة Adblock