شكرا مارك، وشكرا حمزة…!
كدت أن أنهي رقن جملتي على شاشة الهاتف الصغيرة، بضع عبارات مجاملة لا غير.
أوراق السيارة سي الحاج من فضلك!
لم أر مكة أبدا، سوى في لقطة من فيلم الرسالة.
صفعة غيث في دور حمزة للممثل ابن بلدي الجندي كانت حقا جميلة. العبارة الشهيرة تفتح شهية صفع الوجوه المتطفلة والظالمة.
ردها علي إن استطعت !
اختفى الغبار من مكة ومعه الكفار والآخرون، واختفت صفعات النخوة.
أما الحج، فقيل لي أن تكاليفه عالية. لا أحمل لقب الحاج رسميا، ولا أعرف تفاصيل المدينة.
لست حاجا، لم أذهب شرقا قبل. هي شعرات بيضاء تسللت لفروة رأسي، وها هي تورطني كل مرة في ألقاب عجيبة.
مرة عمي، ومرة الحاج.
عم من يا هذا؟ ابحث عن عائلتك ودعك مني، قد لا أصلح عما على الإطلاق.
أخبرت الشرطي بكل ثقة وبكل صراحة أنني لست حاجا.
من وراء زرقة البذلة وبياض حزام يحمل سلاحا أسودا أنيقا، جاء الرد الحازم، متجاهلا اعتراضي الرسمي على تسمية الحاج:
استعمال الهاتف ممنوع سيدي.
كل القوانين جائرة حين تقع على رأسك، سواء كنت من الحجاج أو من الكفار، أو حتى من المؤمنين الورعين.
خالفت القانون حين قررت أن أرد الصاع صاعين على موقع فيسبوك.
يبدو الآن أنني سأضطر لدفع تكاليف إضافية جراء ما حصل.
فليكن.
تصفح الشرطي أوراق السيارة بعناية مبالغ فيها. ثم، احتفظ برخصة ما رهينة بين يديه.
هل ستدفع الغرامة نقدا؟
رن هاتفي فسارعت للإجابة.
كيف الحال؟
جيد، وأنت؟
لقد راقني جوابك على تعليقي في الفضاء الأزرق.
انتظر لحظة، من فضلك.
استدرت ناحية الشرطي وسألته عن مبلغ المخالفة.
أخبرني بالمبلغ وهو يبتسم، فقد تتبع المكالمة أولا بأول.
عدت للحديث في الهاتف.
أتمنى فعلا أن يكون جوابي قد أعجبك، فأنت لا تعرف حقا كم هو غال ذاك الجواب.
أنهيت المكاملة وسلمت الشرطي المبتسم ورقتين ماليتين مقابل توقيع أخرق مكنني من استرداد رخصتي.
حدقت في إمضاء الشرطي.
هل لي أن اعرف اسمك؟
أنا؟ اسمي حمزة.
كل شيء إذن يحصل ثانية.
الصفعة هذه المرة قانونية. أما باقي الكفار فيستمرون في السياقة وفي تصفح موقع الوجوه الأزرق، ربما طمعا في المزيد من الصفعات.
شكرا مارك، وشكرا حمزة.