شتان بين اعتقالات اليساريين واليمينيين: “تيارات الإسلام السياسي” نموذجا
لا بد من الحديث عن تجربة الاعتقالات في مضمونها كقضية وكذا السبب والسياق الحقيقي للاعتقال السياسي سلاح السلطة السياسية لمحاربة المعارضة طبعا، حيث أن تناول أية قضية جدية يستدعي أولا و قبل كل شيء الانتباه و اليقظة اتجاه المنهج الذي نتناوله بها، إذ أن هذا الأخير يرسم في حدود كبيرة الإطار الفكري والمرجعي العام الذي يحكمنا، الذي يحدد بدوره عن أي موقع نعبر وعن أي معالم ندافع.
لذلك نستطيع القول أن تناولا صحيحا و واضحا لموضوع الإعتقال السياسي من وجهة نظر علمية يحدد المسار.
وها نحن الآن بصدد التطرق لموضوع شغل الجميع في مراحل معينة من التاريخ، وإلى حدود كتابة هذه الأسطر، كذلك حتى نوفي لكل ذي حق حقه وأن لا نسقط في بحر العاطفة المغلفة بغلاف حقوقي إنساني لا تنسجم و ما يقع في الآونة الأخير من تزاوج بين فكر حر ديمقراطي وآخر مناوئ له يصل حد التطرف في بعض المراحل يتخفى ويمارس التقية وخطاب المظلومية، فهذا لن يلد لنا إلا إبنا مشوه الخلقة بعملية قيصرية محفوفة المخاطر لا ولادة طبيعية، لاختلافات فلسفية معروفة.
إذ لا بد أن نتجرد من مثل هكذا أفكار وتكون الحكمة للعقل والواقعية والمسار الذي يجب أن يكون عليه الإنسان الإنساني في تعامله مع الآخر وبشكل سليم يعطي للقراءة والمشهد رؤية واضحة.
ربما لا مجال للمقارنة بوجود فارق شاسع بين اعتقالات اليسار وأنصار الفكر الديمقراطي الذين خبروا السجون والمعتقلات من أبوابها الواسعة رغم ضيق الزنازين وأساليب الترهيب، دفاعا عن قضايا الشعوب ومواقف فكرية وسياسية مزلزلة في مراحل معينة من التاريخ من ممارسة الصراع في أعلى مستوياته، عرفوا التعذيب وأهوال السجون وضحوا بالغالي والنفيس من أجل أن ينعم الوطن ببعض المكتسبات والحقوق، بل هناك من ضحى بحياته من أجل مبدأ وقضية.
فرغم تراجع توهج اليسار بشكل نسبي ومرحلة الجزر التي يعرفها في الآونة الأخيرة، بقي مناضلوه إلى حد ما ينسجمون وقناعاتهم التي تؤدي بهم في بعض الأحيان إلى عملية الاعتقال من بين هذه القناعات معارضتهم السياسية و مطالبتهم بالحرية ونضالهم النقابي والحقوقي.
لكن، في الجانب الآخر ومما يروج من فضائح تؤدي إلى “اعتقالات” في الضفة الأخرى، لا نجد لها توظيفا في أدبيات الاعتقال السياسي، فهل نعتبر من قتل طالبا في بدايات التسعينيات بالجامعة المغربية ودخل مدججا بأنواع الأسلحة إلى جانب ميليشيات معتقلا سياسيا الأكيد لا، ومن تم توقيفهما بتهمة الخيانة الزوجية بأحد الشواطئ ذات فجر وهما ينتميان لهيئة الوعظ والإرشاد معتقلين سياسين طبعا لا، إلى جانب من مرغ كرامة نساء وطن بقضية تحرش واغتصاب ومتاجرة واستغلال جنسي اهتز لها الرأي العام.. رجاء أبناء وطني.. رجاء حقوقيو و حقوقيات هذا الوطن ألا تخبروني بأن هذا معتقل سياسي أو معتقل رأي!
وصولا إلى سليمان وقضيته التي ما زالت على ذمة التحقيق في قضية تحرش واغتصاب مثلي، في انتظار ما ستسفر عنه التحقيقات والمحاكمة، دون الخوض فيها ابتغاء لموضوعية في هذا الصدد، طبقا لقانون المسطرة الجنائية وما تنص عليه المادة 1 منه:
المتهم بريء إلى أن تثبت إدانته بقرار نهائي حائز على قوة الشيء المقضي به، بناء على محاكمة عادلة تتوفر بها كل الضمانات. يفسر الشك لفائدة المتهم”.
فشتان بين اعتقالات اليسار واليمين، فأنصار الفكر الحر لم يمارسوا البتة الاغتصاب أو الإتجار بالبشر، ولم يغتالوا يوما أبدا مفكرا أو عالما أو فيلسوفا، كما اغتلتم أنتم بالأمس كل من المهدي عامل، وفرج فودة، حسين مروة، وعمر بنجلون، أيت الجيد محمد بنعيسى والمعطي بوملي.
هي أرواح ستلاحقكم أطيافها و كذا أفكار لن تأبى الزوال باقية إلى أن يرث الله الأرض و من عليها، فالتاريخ رجل لا ينسى و هاهو تاريخكم ملطخ بوحل لن تمحوه أمطار السماء مهما هطلت، و لن تنفعكم الأصوات النشاز الداعمة لكم من أعداء هذا البلد فلهذا الوطن شعب يحميه.
خلاصة الأمر أن الإخوان المسلمين بالمغرب و باقي الدول أقدمو على جميع الجرائم التي يعاقب عليها القانون و الكبائر التي يعاقب عليها دين الإسلام .
قتل، خيانة زوجية، فساد سياسي، سرقة و نهب، ورشوة .
بالله عليكم رحمة بالشعوب تكفيرا للذنوب رغم أن ما ارتكبتموه لن يغفره لكم التاريخ.