زيارة الرئيس الجزائري عبد المجيد تبون إلى تونس: السياق، التوقيت والأبعاد
بصرف النظر عن العلاقات القائمة بين تونس والجزائر. ورغبة البلدين في تطويرها والسير بها نحو آفاق واعدة بما يخدم مصالح البلدين وبما يحقق الرفاهية والعيش الكريم لشعبيهما. وكون الزيارة التي قام بها اليوم الرئيس الجزائري عبد المجيد تبون إلى تونس كانت مبرمجة وتدخل في إطار الأعراف الدبلوماسية المعمول بها منذ زمان، علما أنها أجلت لأسباب كثيرة. فإن التوقيت الذي اختير للزيارة والذي يأتي في سياق إقليمي مطبوع بتأزم غير مسبوق في العلاقات المغربية-الجزائرية. يفتح الباب على مصراعية أمام قراءة متعددة المستويات والأبعاد.
على المستوى السياسي الرسمي كان الرئيس التونسي قيس سعيد أكثر حماسا واندفاعا. واستعمل لغة العواطف والمشاعر الجياشة والخطاب الحمال لعدة أوجه والقابل لتأويلات كثيرة. فقد اعتبر زيارة تبون لتونس تاريخية بكل المقاييس وعدد المواقف التي جمعت الشعب الواحد يقصد الشعبين التونسي والجزائري وخاصة زمن مقاومة الاستعمار. وكيف كان هناك شقيق يشد إزر شقيقه في المصائب والمحن. وأكد على ضرورة إيجاد مفاهيم جديدة في المستقبل. تنبني على مبدأ دولتان وشعب واحد. مشيرا في هذا السياق إلى أن الرايتين التونسية والجزائرية يرفعها التونسي والجزائري في الوقت نفسه. وأضاف أن العلاقات بين البلدين ستكون متميزة في المستقبل ولا يمكن أن نواجه التحديات منفردين. نحن دخلنا مرحلة جديدة من التاريخ بفكر جديد. وذكر سعيد أن الجزائر اقتسمت في عز جائحة كرونا الأكسجين مع تونس. وقف الشقيق مع الشقيق أكثر مما كان ينتظر. ومعلوم أن المغرب أقام مستشفى ميدانيا مجهزا بمختلف المعدات الطبية، بما في ذلك مولدين قويين للأكسجين. كلام سعيد لم يخل من رسائل مبطنة إلى المغرب. عندما رد عن سؤال لصحافية من الإذاعة الجزائرية.
فبعد تعداد مناقب هذه الأخيرة ومدح ادوارها التاريخية. قال “صوت فلسطين كان ينطلق من الجزائر. وصوت الثورة الجزائرية كان ينطلق من تونس.
والخلاصة بالنسبة للرئيس سعيد، وبعد أن قرأ هو ونظيره الجزائري التاريخ قراءة جيدة، سيمضيان معا إلى بناء مستقبل أفضل. خاصة وأنهما ينظران إلى التحديات من نفس الزاوية ونفس المقاربة. وينطلقان من نفس المبادئ ويصلان إلى نفس الأجوبة. هناك تنسيق كامل بالنسبة لمختلف الملفات والقضايا وخاصة الملف الليبي والأسباب التي حالت دون تحقيق حلم البناءالمغاربي. أتمنى أن نحقق كل هذا في القريب العاجل بما في ذلك تثبيت الحق الفلسطيني. سنحاول اختصار المسافة حتى نتدارك ماضاع من فرص. كل شيء يجمعنا ولاشيء يفرقنا. ووعد سعيد بترجمة الاتفاقيات الكثيرة الموقعة بين البلدين على أرض الواقع.
أما الرئيس الجزائري عبد المجيد تبون، فكانت كلمته مكتوبة خلاف سعيد الذي ارتجل كلمته. وتوقف تبون عند الاستقبال الاستثنائي الذي خصص له، حيث قال: كانت حرارة اللقاء أحر من الحرارة لدرجة تم معها خرق قواعد البروتوكول. وبعد استعراض جملة من المواقف وتعبيره عن سعادته وارتياحه حيال نتائج محادثاته مع قيس سعيد. تحدث عن الاندماج الاقتصادي بين البلدين. وتطابق وجهات نظرهما بخصوص الأزمة الليبية ومنطقة الساحل والصحراء. خاصة وأن الجزائر تتأهب لاستقبال القمة العربية والتي لن تكون إلا جامعة وموحدة.
أكيد أن ما ورد على لسان سعيد وتبون، لا يفصح عن كل شيء ولا يكشف عن المسكوت عنه، الذي تكفلت به وسائل الإعلام في البلدين.
فمن خلال بث موحد بين القناة التلفزية الأولى في تونس ونظيرتها في الجزائر. كان هناك خطاب صريح ورسائل واضحة وصريحة موجهة إلى المغرب. كقول ضيف تونسي ما مفاده أن كلا من تونس والجزائر يتهددهما خطر استراتيجي. وهناك حتمية أن يتعاون البلدان. فهما يدركان أن الوضع الإقليمي مؤثر والجزائر تدرك أنها مستهدفة. هناك بعض الدول الإقليمية تريد تركيع الجزائر. إن تونس هي العمق الاستراتيجي للجزائر.
وبثت التلفزتان ربورتاجات تضمنت تصريحات مواطني البلدين عبروا فيها عن مشاعر الحب المتجذر بينهما والعلاقات المتميزة والاستثنائية التي تجمعهما والتي لن يقوى أحد على إفسادها. وأن الحركة الوطنية المقاومة للاستعمار بدأت في الجزائر وتونس. وهذا ما دفع محلل جزائري إلى التعليق بالقول: إن شعار خاوا خاوا أصبح شعارا تونسيا-جزائريا ولم يبق جزائريا. إنها روح واحدة وعقل واحد يجتمعان في جسدين. وتأسيسا على ذلك شدد المحلل الجزائري على خلق التكامل الاقتصادي ولم لا توحيد العملة ووضع أجندة زمنية لتجسيد هذا التكامل في إطار مسار خطوة-خطوة.
التصريحات في الجانبين أشادت بالروابط القوية والأواصر الحميمية. والتي اختزلها تصريح لمواطن جزائري عندما اعتبر أنه زمن اندلاع الثورة الجزائرية “لقينا التوانسة وقفوا معنا رجال وعاونونا. وحنا اليوم رجال معهم. لا أحد يسطيع التفريق بين تونس والجزائر.”