كرونيك

دكاكين أولاد عبد الواحد…!

يحتاج المرء لكثير من الطاقة ليفتح دكانا ويمارس مهنة التجارة الشريفة. يحتاج رأس المال الضروري للاستثمار في تزيين المحل واقتناء المنتوجات المختلفة، والقدرة النفسية والبدنية على تحمل الزبناء ودلال الزبناء.

هامش الربح في دكاكين البقالة ضيق؛ على البائع أن يستيقظ باكرا ويستمر في معاملاته طول النهار وجزء من الليل، حتى يضمن ربحا يوميا يؤمن الدكان شر الإفلاس.

إنها مهنة شاقة.

في السياسة، ورطنا عاشق فاشل للمجازات اللغوية الرخيصة في تشبيه بعض الأحزاب بالدكاكين. صارت جملة الدكاكين الانتخابية تتكرر حد القرف كلما تعلق الأمر بتجديد ممثلي الشعب بالبرلمان وبالمجالس المحلية والجهوية.

ينص دستور فاتح يوليوز 2011 على ما يلي: “تعمل الأحزاب السياسية على تأطير المواطنات والمواطنين وتكوينهم السياسي، وتعزز انخراطهم في الحياة الوطنية، وفي تدبير الشأن العام، وتساهم في التعبير عن إرادة الناخبين والمشاركة في ممارسة السلطة، على أساس التعددية والتناوب، بالوسائل الديمقراطية وفي نطاق المؤسسات الدستورية.”

يبرر معظم الناخبين عزوفهم عن ممارسة حق الاختيار بتشابه البرامج والأشخاص ملقين باللوم على عبد الواحد وأولاد عبد الواحد، أما من يذهب للمعزل فلم يؤطره أحدا ولا يطمح للمشاركة في السلطة. يذهب للتصويت تحت الطلب فيختار للعازفين مرشحا اعوجا دون مبادئ ويختار لهم معه اللحن الذي سيرددونه للخمس سنوات المقبلة:

ولاد عبد الواحد كلهم واحد.

ألا يحس بعض أمناء الأحزاب بوخز في الضمير حين يمنحون تزكية انتخابية لشخص غير جلده ثلاث مرات أو أكثر؟

يفترض الانتماء الحزبي حدا أدنى من الاقتناع بمبادئ الحزب. فالشيوعي في حزب شيوعي لن يبحث، نظريا، عن تزكية من حزب ليبرالي بحجة أن ما يهم هو دفاعه عن الشعب. وهكذا الوضع للإسلامي ولليساري وللاشتراكي.

قليل من الحياء قد يحسن الحياة السياسية في البلد.

يدرك معظم المغاربة أن جزءا كبيرا من مرشحي الانتخابات لا يفقهون لا في اليمين ولا في اليسار ولا في اقتصاد السوق، ولا في أي شيء. ما يهم هو الفوز بالمقعد.

حين تشتري سلعة ما من الدكان، أنت تقايض صاحب الدكان بعض من نقودك بمنتوج ذي نفع. لنقل انها عملية عادلة ومربحة للطرفين.

اكتب اليوم بنية الاعتذار الصادق لبقال الحي ولكل ممتهني هذه الحرفة عبر الوطن. أجد أن مقارنة الأحزاب الفاشلة بالدكاكين حيف كبير وإهانة لأصحاب الدكاكين.

سيشرع هؤلاء المتحورون الحزبيون في توزيع الابتسامات الصفراء والوعود الكاذبة وربما المال الفاسد في محاولة أخرى للعودة للبرلمان والمجالس.

امنحهم صوتك وانتظر أن يمرروا ما شاء الله من قوانين مجحفة وتدابير تمسك في قدرتك الشرائية وفي مكاسبك الاجتماعية، على ندرتها.

اكرر اعتذاري لأصحاب الدكاكين، سلعتكم سليمة ومهنتكم محترمة.

أما من سيصوت دون ضمير لسماسرة السياسة ولتجار الدين وللحربائيين مقابل السراب، فسيرهن مصيره ومصيرنا جميعا بين يدي من لا يستحق، سيبيع المستقبل بأرخص ثمن ممكن.

“إن السياسة قد تكون عملا جيدا حقًا لولا وجود الشعب اللعين.”

ريتشارد نيكسون

رجل دولة، رئيس (1913 -1994)

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى

أنت تستخدم إضافة Adblock

برجاء دعمنا عن طريق تعطيل إضافة Adblock