دخولها فتح كبير وهجرها بداية النهاية للسياسي: هنا الرباط…!
تستوطن مدينة الرباط الهضبة المطلة على نهر أبي رقراق لتمتد أكثر بمحاذاة البحر جنوبا.
في الحقيقة، تتربع مساحات أكبر من العاصمة في مخيال عامة المغاربة على امتداد الوطن.
رباط للنخبة الفنية، حيث يتصور الراعي الصغير في أعالي الأطلس أو في نجود الصحراء، وهو الذي لا يملك سوى شاشة تلفزة أو هاتفا، الفنانون والمشاهير يمرون في شوارعها الأنيقة ويقضون أوقاتهم غناء ورقصا.
آخرون مثل الراعي أو أحسن قليلا يملكون اليقين أن للرباط وحدها القدرة على وقف المظالم وإحقاق الحق.
تفتح الرباط أبوابها كل صباح لتستمع لنداءات المغاربة.
الخليفة يعقوب المنصور لم يكن يظن للحظة أن المدينة المحصنة التي بناها خلال فترة حكم المسلمين لبلاد الأندلس في عام 1197 ميلادية ستتحول إلى مدينة للسياح وللسياسة، يختلط فيها هرج المقاهي ورائحة المشاوي الشرقية بمقرات حزبية فخمة وبنايات حكومية تمتلك سلطة واسعة على حياة كافة المغاربة.
قد يكون يعقوب المنصور قد استوحى فكرة تصميم الرباط من مدينة الإسكندرية المصرية، لهذا اختلط فيها هواء فن التمثيل والفهلوة القادم من مصر بكلام السياسة.
هذه الأيام، يبرع نواب الأمة في الكلام المنمق والوعود المعسولة طمعا في مزيد من “التمثيل”.
كل شيء سهل، عدا مغادرة الرباط. دخولها فتح كبير وهجرها بداية النهاية للسياسي وغيره من النخب المخملية.
في الرباط أبواب كثيرة و تاريخ و حكايات لكل واحد منها. أشهر الأبواب التي يحتضنها السور، والتي تشكل منفذا إلى مختلف الاتجاهات في المدينة هي،” باب العلو” و”باب الأحد”، و”باب الرواح”، و”باب القيادة”، و”باب زعير”.
هناك أيضا “باب التزكيات الحزبية”.
بينما يحتسي الرباطيون و باقي المغاربة القهوة والشاي غير مهتمين بالسياسة، تدور معركة خفية لمنح التزكيات التي تقود إلى الرباط، إلى البرلمان وإلى كراسي الوزارات.
“باب التزكيات” يفوق باب الرواح علوا، ولا يفتح إلا لمن يملك المطلوب.
في البرلمان الحالي، يجلس ممثلون محترمون لا يتعدى مستواهم الدراسي ابتدائية قريتهم.
اللهم لا حسد.
مع مرور الزمن، تخلت المدينة عن عادة إغلاق ابوابها كل مساء خوفا من الغزاة و قطاع الطرق.
على الأقل، هناك باب واحد يحتاج للمراقبة وللإغلاق، ويحتاج أن يفتح للشرفاء ولمن يستحق، حينها سيصل نور الرباط إلى كل شبر في الوطن.
أما إذا استمر باب التزكيات والانتخابات كما هو، فلن تستحق الرباط لقب مدينة الأنوار أبدا.