حول ما وقع أمام المقر المركزي للـ PPS
حول ما وقع أمام المقر المركزي للـ PPS
محمد الرمضاني*
عار ما وقع أمام المقر المركزي لحزب التقدم والاشتراكية في نهاية الأسبوع الماضي، لا يمكن السكوت عليه أو أن تغمض العيون بشأنه، تحت ذريعة انفلات الأعصاب وردة فعل طبيعي وإنساني. أقل ما يقال عنه في البداية، أنه أمر يدمي ويؤلم كل من تربى في هذه المدرسة الحزبية، كما يحلو لرفيق في المهجر أن يدعو به الحزب وهو في ذلك على صواب فلا يناديه إلا بالمدرسة.
لكن المؤسف أن ما حدث يوم اجتماع اللجنة المركزية الأخير، لا يمت لهذه المدرسة بصلة، ولا إلى مبادئها وتربيتها. فمن المريع أن نسمع أصواتا قيادية تدعو إلى الحرب بين الرفاق وتصفية الخلافات والاختلاف بسحق العظام وتمزيق اللحم الرفاقي، وبوطأ رؤوس أمهات كل رفيق تسول له نفسه أن يحاول الحضور في مثل هذه المناسبات، التي هي في الحقيقة ينبغي أن تكون فضاء للتعبير وإدلاء الرأي والنقاش الواسع والعميق والحر، ليس إلا، مادام الأمر يتعلق بشأن جد مهم وهو التحضير لمؤتمر يضع استراتيجية ويرسم خطة مستقبلية وهو ليس بمؤتمر وفقط بل هو محطة تعتبر في الظروف الراهنة جد مهمة من أجل مستقبل الحزب والوطن. لهذا لا يمكن إلا أن نستنكر ألا يتمكن رفاق من حضور هذا الاجتماع بل ويتم منعهم باستعمال القوة والعنف تجاههم.
هؤلاء رفاق، هناك من كان منهم عضوا في الديوان السياسي وآخرون في اللجنة المركزية ومنهم اعضاء في المكتب الوطني للشبيبة أو المجلس المركزي لهذه المنظمة العريقة. فهم ليسوا ثلاثة أو خمسة حسب ما تم ذكره على منصة الخطابة، وحتى ولو كانوا فقط رفيقا واحداً، فالأمر يقتضي فتح الأبواب على مصراعيها، كما لواحد، أو إثنين وثلاثة كما لثلاثين، و تمتيع الجميع بالحرية في إبداء الرأي، احتكاما إلى أبسط قواعد الديمقراطية، وهي، الحق لكل واحد في أن يعبر عن رأيه بدون تضييق ولا قيود، إنهم لا يريدون إلا التعبير عن أفكار ومواقف، ليس إلا،،.
من بين ما كان يتغنى به طلبة الجامعات المغربية في وقت ما: دعوا الشعب يفكر، دعوا الشعب يعبر. واليوم للأسف الشديد والعميق، حزب تقدمd، ديمقراطي، ذو جذور شيوعية، وا أسفاه !!، يدير ظهره لهذا النداء الذي تغنى به رفاق الحزب وهم في ساحات الجامعات، ومنهم قياديون اليوم. سنعود لاحقا إلى هذا.
ولكنه، كم هو مخزي وعار أن نسكت اليوم على ما وقع ويقع في البيت الذي نشأنا فيه والمدرسة التي تربينا فيها. لقد بلغ السيل الزبى منذ زمان واليوم لم يكفهم ما مضى ويصرون على أن يزيدوا فؤاد الرفاق جراحا وتنكيلا.
سأختم اليوم بكلمات لإسم جميل من عائلتنا الاشتراكية الراقية والرائعة، وهي للرفيقة روزا لوكسمبورغ، التي لازالت تشع في فضائنا بعد ما يفوق قرنا من الزمان على رحيلها، اغتيالا. لكنها لازالت حية رائعة.
تقول روزا: “لا مجتمع يمكن وسمه بالحرية إلا عندما يكون كل أفراده أحرارا”، كانت روزا تردد دائما وتكرر: “كما قال مرة لاسال (Lassalle Ferdinand)، فإن الفعل الأشد ثورية، كان وسيبقى بالجهر بالأشياء كما هي.” فما هي أبعاد قول الحقيقة عند روزا؟ عن مبدأ قول الحقيقة، لزوم مطلب خلق وحفظ فضاءات سياسية، تصان فيها حرية مغايري ومخالفي الفكرة والرأي، كقيمة عليا، طالما كانوا يتكلمون ويعبرون بلسانهم، بل والعدو وليس فقط الخصوم في هكذا حالة لا يجوز المس بحريتهم. فقط في فضاءات الكلام الحر يمكن للإنسان أن يحصل على حق تقرير مصيره وامتلاك قراره.
نحن في قرن له رقم يعلمه حتى الأطفال، أطفال لهم رأيهم في مواقع زرقاء وغيرها، وهناك من لا يزال يحيا في عصر شمشون وخرافة العضلات، حتى حكايات نجيب محفوظ عن فتوات العشرينيات أو حتى الثلاثينيات، ولت منذ زمان، وللأسف أن هناك من يحاول العودة والرجوع بنا إلى هذه الأيام الخوالي.
لا زال في القلم ما يسيل، لكن، سنتوقف اليوم عند هذا الحد وفي ناظر الأيام سنأتي على أشياء أخرى.
وكما يقال، ٱخر دعوانا ودعوتنا ونداءنا أن تترك الأمهات جانبا والتهديد والوعيد باستعمال القوة والعنف أيضا، وفتح باب الحرية والتعبير الحر والإنصات للرأي الآخر وتقبل الاختلاف، حفظا لما تبقى، إن كان هناك بقية لماء الوجه.
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
إطار من PPS مقيم في باريس/فرنسا