حتى صراخ القايدات تبخر مفعوله…!
الدبابات والحواجز لن تقنع أحدا بحب الوطن والغيرة على مصيره. حتى صراخ القايدات المتحمسات والذي دام شهرين وأكثر تبخر مفعوله مثل قطعة ثلج تحت الشمس وعاد الناس إلى سلوكاتهم المتهورة والمستفزة.
كتب كثيرون حول كورونا وأفعال الناس. آمن معظم المغاربة، عند بداية العدوى، بقوة الكلمة في حسم المعركة وإحداث التغيير.
ثم، فجأة، اكتشفنا وجها قبيحا في المرآة.
صورة شعب لا يكترث لوطنه ولمرضاه ولمسنيه. ما يهمه هو إراقة دم خروف وإقامة حفلة عرس مهما كان الثمن.
بعيدا عن السياسة هذه المرة، نتقاسم بيننا، من مواطن لمواطن، كلمات عن الحياة والموت، وعن الوفاء والوطنية.
نحن نتجاور داخل الوطن مجبرين ومعتزين كذلك مهما كانت الظروف.
حين تتنقل بين الناس متناسيا المرض المنتشر، أنت تزرع الموت مثل فلاح ينثر حبوب الدرة في حقل خصب ومعطاء.
الموت سيطرق بابا عزيزا عليك، ليصطحب أقرب الناس إليك حيث لن تراهم مجددا. لن يستأذنك أو يناقشك في آراءك البئيسة حول نظرية المؤامرة وسخافات أخرى تحفظها داخل هاتفك وترسلها خبط عشواء دون أن تعرف أبدا مصدرها. سيقطف أرواحا عزيزة عليك وينصرف ضاحكا لأنك ساعدته من حيت لا تدري.
الموت يرافق وجهك المكشوف أمام المرض ويتبادل التحايا مع أخرين أمثالك، يساعدونه على جر أبرياء إلى غرف الإنعاش ومنها إلى العالم الآخر. ما كان يخيفك، وهو مجرد صور وتقارير من دول قريبة وبعيدة، اقترب الآن ولا يفصلك عنه سوى أن تتراجع عن إنكار خطورة انتشار المرض وتتمسك بكل إجراءات الوقاية مثل جندي لا يهمل أبدا سلاحه تحسبا لهجوم محتمل قد يهدد سلامة الوطن.
الموت الذي زرعت بذوره باستخفاف، سيقطف من تحب بلا هوادة وببرودة جزار يقطع عجلا مذبوحا للبيع.
عكس الذهب والفضة، لا يمكن لأحد أن يكنز العقل والحكمة داخل خزنة حتى ترتفع قيمتهما ويحقق من وراءهما ربحا وفيرا.
عليك أن تقرر اليوم أن مصير من تحب، بين يديك أنت. ما هو مطلوب سهل؛ امتثل لتعليمات الوقاية الصارمة وأنت في الفضاء العام المشترك.
الأوطان لا تتحمل تكالب المفسدين وإصرار المستهترين الأغبياء بالحياة.
من مئات إلى ألاف الإصابات اليومية، يسير الوطن نحو الكارثة. تتضاءلَ يوما بعد يوم إمكانيات العيش الجميل، لتختفي، في الأخير، كأنها لم تكن أبدا.
قوة التضامن ورغبة المقاومة تمنح الوطن أجنحة يحلق بها أعلى من الموت والمرض. يتحدى سطوة الفيروس القاتلة والمباغتة.
فحتى أشرس الجائحات يجب أن تنتهي وأن يسدل الستار عليها.
غير أن جرعة الحب والوفاء الذي تمنحه للوطن، سوف يستمر مفعولها طويلا.
الأفعال الجميلة التي يختارها أبطال الساعات العسيرة التي يجتازها البلد، بعناية المحب الصادق، يمكنها أن تنبت الأشجار والأمل مرة ثانية وأن تبعث حياة الطمأنينة التي سادت قبل الحجر الصحي.
إنها معجزة الحياة وسر الحب والوطنية الصادقة، ببساطة.
هذه دعوة لتغيير مجرى التاريخ وتسجيل صفحة مشرفة في مواجهة تحدي كبير اسمه كوفيد19.