كرونيك

حب مغربي تحت المطر…!

فليعذرني أحبتي وخصومي أيضا…

في كل مرة تداهمني أحداث الحياة، أحتمي بالشعر.

أبيات الشعر فيها ما يغني عن طول الكلام، وما يعوض قصور الكلمات.

هذه المرة، يحاصرني الماء من كل صوب، أسمع قطراته تنقر الأسطح مثل عازف طبول أفريقي.

يجتاح السائل الآتي من السماء، الشوارع والمداخل وكأنه جيش غزاة، يبحث عن مهزومين يختبؤون حفظا لأرواحهم.

يظل الغيث جميلا رغم كل شيء.

كتب نزار قباني، مقحما المطر في غزل رقيق لمحبوبته:

أخاف أن تمطر الدّنيا ولست معي

فمنذ رحت وعندي عقدة المطر

كان الشّتاء يغطّيني بمعطفه

فلا أفكّر في بردٍ ولا ضجر

كانت الريح تعوي خلف نافذتي

فتهمسين ..

تمسك، ها هنا شعري

والآن أجلس والأمطار تجلدني

على ذراعي..

على وجهي ..

العشاق يحبون المطر.

سيختلون ببعضهم داخل السيارات، وتحت الاشجار، يتبادلون كلمات لن يفهمها غيرهم، ولحظات مثل ذات المطر، تحمل الحياة وتبشر بموسم زهور قادم.

وحدها المدينة لا تحب المطر.

الماء لا يأبه بمشاريع مجالسها، ولا بمستقبل سياسييها، يستمر في إغراق كل ما يصادف فيها من مباني وسيارات وأقبية.

ينصح الناس من لا يملك فصاحة اللسان ورجاحة العقل ان يكتفي بدعاء الرحمن من أجل المطر.

لا شك اذن ان حجم الدعوات كان استثنائيا هذا العام، وأصحابها بلا حساب.

ربما كل ما علي فعله هو الاذعان لهمس المحبوبة والتمسك بشعرها، كما كتب نزار قباني.

اما من يعيش دون محبوبة، فليستمر بطلب المطر، بكل صدق وبكل تعاسة أيضا.

هذه الليلة، سوف اكتفي بمدح المطر، وأترك للآخرين، وهم عديدون، مسؤولية جلد الشركات المفوضة، والمجالس المنتخبة، وحتى رئيس الحكومة إن هم رغبوا في ذلك.

نزار كان شاعر الحب عند العرب، وانزار كان إله المطر عند الأمازيغ.

حين بكت المحبوبة تيسليت حزنا على الجفاف الذي ضرب أرضها وأهلها، رق قلب انزار الإله، فلم يكتب شعرا مثل نزار، بل أمطر الدنيا دون توقف لأجل عيون تيسليت.

يستمر المطر اذن لأجل تيسليت، ولأجل ربيع واعد يحمل نورا ووردا، ولأجل الشعراء والمحبين وكل أصحاب القلوب النقية الطاهرة.

أختم كما تعلمت صغيرا:

أنا أحب المطر.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى

أنت تستخدم إضافة Adblock

برجاء دعمنا عن طريق تعطيل إضافة Adblock