تنّورَتا الشلواطي والرحالي تفضحان سكيزوفرينيا البيجيديين
تداولت مواقع التواصل الاجتماعي، على نطاق واسع، صورا للشابة المغربية وملكة جمال العرب لسنة 2004 شروق الشلواطي وهي ترتدي تنورة قصيرة إلى جانب رئيس الحكومة وأخرى إلى جانب عزيز الرباح وزير الطاقة والمعادن؛ وقد أثارت الصور انتقادات مباشرة لرئيس الحكومة ركزت على أمرين اثنين:
ــ أولهما: ظهوره بدون كمامة في مكان عام (داخل فندق) ، مما يوحي بأن رئيس الحكومة الذي سن قانونا زجريا يعاقب بالغرامة أو بالحبس أو بهما معا من لا يرتدي الكمامة في الفضاء العام أو حتى داخل سيارته الخاصة، هو أول من يخرق القانون ويشجع على خرقه. ويوجد مئات من المواطنين المتابعين في حالة سراح أو اعتقال بسبب عدم ارتداء الكمامة . إن رئيس الحكومة، المسؤول الثاني في هرم السلطة، ينبغي أن يكون قدوة للمواطنين فيعطي المثال باحترام القانون والمؤسسات الدستورية. وليست هذه المرة الأولى التي يظهر فيها رئيس الحكومة في وضعية منافية لقانون الطوارئ، بل ظهر في مناسبات رسمية (اجتماع حكومي) أو لقاءات صحفية بدون كمامة. سلوك يدل على الاستخفاف بالقانون.
ــ ثانيهما: أن رئيس الحكومة هو أمين عام حزب العدالة والتنمية الذي لا يترك أعضاؤه ومسؤولوه مناسبة أو فرصة إلا وهاجموا فيها الصحفيات اللائي يرتدين زيا لا يراه البيجيديون “محتشما”. وتكفي هنا الإشارة إلى الضجة التي أحدثها عبد الإله بنكيران، سنة 2001، داخل قبة البرلمان ضد لباس الصحفية بالقناة الثانية أمينة خباب بسبب لباسها سروال دجين وتي شورت لا يغطي ذراعيها.
ولم تتوقف الضجة إلا بطرد الصحفية خارج قبة البرلمان ومنعها من أداء وظيفتها الإعلامية. لقد نصّب بنكيران نفسه “حارسا” للفضيلة وللأخلاق متحديا القانون والمؤسسات والدولة، وتقمص دورا لا ينص عليه الدستور ولا يسنه النظام الداخلي للبرلمان ولم يكلّفه به الناخبون. نفس الضجة سيحدثها الحبيب الشوباني الوزير المكلف بالعلاقة مع البرلمان والمجتمع المدني سابقا، والمطرود من الحكومة بسبب تصرفاته اللاأخلاقية، داخل البرلمان في أبريل 2014، حين هاجم الصحفية خديجة الرحالي التي كانت منشغلة بإعداد تغطية صحفية بسبب لباسها الذي وصفه الشوباني بأنه “غير محتشم” و”مخل بحرمة البرلمان” (لباسك مخل بحرمة البرلمان، وغير محتشم، عليك مغادرة المجلس الآن).
تصرف الشوباني وبنكيران، بالإضافة إلى أنه يسيء إلى مؤسسة البرلمان التي تضع القوانين المنظمة للحياة العامة، فهو صادر عن مسؤولين يعتبران المؤسسة التشريعية وكل مؤسسات الدولة ملكية خاصة لهما تمنحهما الحق في طرد كل من لا يتماشى لباسها مع معايير الأسلمة التي يسعى الحزب فرضها على المجتمع والدولة والأفراد.
طبعا، لو تمكّن حزب العدالة والتنمية من الحصول على الأغلبية المطلقة في البرلمان التي تسمح له بتغيير القوانين وتشريع أخرى، فإنه لن يتردد في وضع تشريعات من نفس جنس التشريعات التي فرضها إسلاميو الترابي في عهدي النميري وعمر البشير اللذين أطاحت بها الثورة الشعبية التواقة إلى الحرية والكرامة والديمقراطية؛ بحيث لن يكتفوا بالمواعظ وتغيير المقررات والبرامج التعليمية والإعلامية، بل سينشؤون شرطة الأخلاق تطارد المواطنات والمواطنين وتجلدهم في الشوارع والساحات العمومية. فبسبب انسداد أفقهم الحضاري، وانحباس مجالهم الفكري والقيمي، باتوا يتغذون على فقه الانحطاط وينصبون مقاصله.
فأن يظهر أمين عام البيجيدي في صورة إلى جانب مواطنة شابة بتنورة قصيرة طالما حارب حزبه وأعضاؤه هذا النوع من اللباس، لا يدل على انفتاح الحزب وقياداتها ولا عن تغيير إيديولوجيته. إذ لو لم يتخذ رموز الحزب مواقف عدوانية ضد من ترتدين اللباس القصير بخلفية “دينية”، لكن الأمر جد طبيعي، ولما استرعى اهتمام نشطاء المواقع الاجتماعية أو أثار انتقاداتهم. لكن الثابت أن الحزب لم يغير إيديولوجيته ولم يصدر عنه أي منشور يفيد إجراء مراجعات عميقة داخل هياكله حتى يسمح للمتلقي باستساغة قبول أمينه العام التقاط صورة مع فتاة بتنورتها القصيرة.
طوال عقود، والحزب يحارب اللباس العصري ويهاجم من يرتدينه من الإناث ، حتى انطبع في مخيلة عموم المواطنين استحالة قبول الأعضاء به فأحرى التقاط صور بابتسامة عريضة مع ذات التونرة القصيرة الشابة الشلواطي. لكنه فعلها السيد العثماني وزميله عزيز الرباح دون أن يسألا نفسيهما: أليست تنورة الشلواطي أقصر من تنورة الرحالي؟ هل غيّرا قناعتهما وصار اللباس حرية شخصية؟ ألا يزال اللباس العصري والتنورات القصيرة يرمزان إلى “الانحلال والتفسخ”، وأن الحجاب يرمز إلى “العفة” وفق شعار الحملة التي أطلقتها حركة التوحيد والإصلاح :”حجابي عفّتي”؟
تؤكد الوقائع أن البيجيديين يعانون من السكيزوفرينيا بسبب ما تشبعوا به من عقائد إيديولوجية أحدثت انفصاما عميقا في ذواتهم تترجمها التناقضات في المواقف والتباينات بين الأقوال والأفعال.