تسعة أصوات أنقذت الحكومة الفرنسية من الإستقالة
⬛ جمال اشبابي / باريز
إسترجعت الحكومة الفرنسية أنفاسها بعد تصويت عشية اليوم على ملتمس الرقابة، وذلك بفضل إمتناع تسعة نواب عن التصويت لصالحه، وكان التصويت المذكور على مرمى حجر من ترجيح كفة المطالبين بإسقاط حكومة إيليزابيت بورن ويعصف بها معجلا بذلك دخول فرنسا في مأزق سياسي غير مسبوق.
والأكيد أن ماكرون وحكومته أصبحوا أمام ربيع فرنسي، ربما نتج عنه إستقالة بورن تحت ضغط إحتجاجات الشارع الفرنسي، أمام يؤشرات هشاشة الأغلبية الحكومية، وربما سيحسم الأمر جزئيا، للتخفيف من حدة هذا الغليان بطرح إستفتاء حول إصلاح ملف التقاعد.
وتعتقد أحزاب المعارضة وعلى رأسها حزب “فرنسا الأبية” بزعامة جون ليك ميلونشون، وتقر أن لا شيئ حسم بعد، ذلك أنهم لإسماع صوت الفرنسيين يطرحون على المجلس الدستوري ورقة لطلب “إستفتاء المبادرة المشتركة”.
ويعتقد العديد من النواب الفرنسيين، أن رئيس الجمهورية ذهب بعيدا، وذلك من خلال تضمين ملف إصلاح التقاعد في إطار الموازنة، وتعديل قانون المالية، وهي بحسبهم مناورة سياسية ضمنت لحكومة بورن إستخدام الفصل 49.3 دون عرضه لفحص القوانين العادية الأخرى، ثم بعد ذلك، إستخدام الفصل 47-1 لحصر دراسة هذا النص على الجمعية الوطنية بـ20 يوما، ثم الفصل 44-3 في مجلس الشيوخ الذي نظم تصويتا على التعديلات الوحيدة التي إحتفظت بها الحكومة، وأخيرا الإنتهاء بإعمال الفصل 49.3 الخميس الماضي.
وجاء طرح المعارضة لملتمس للرقابة، كرد تلقائي على إجراء المنفذ القسري للحكومة لإصلاح ملف التقاعد، واعتبر المعارضون أن الإستنجاد بالفصل 49.3 فيه قلة إحترام الحكومة للشعب الفرنسي وكذا الهيئات والمنتخبين.
والأكيد أن المعركة الساسية في فرنسا لم تنتهي بعد بالرغم من عدم تبني إقتراح ملتمس الرقابة بالأغلبية، ذلك أن تصويت عشية اليوم، لم يزد إلا تأكيد أن فرنسا “مريضة سياسيا” وأن تشخيص أعراض حالتها، تتلخص في حمى وغليان وسقوط أقنعة حكومتها شعبيا وحتى على الورق، على الأقل هذا هو مضمون تصريحات أغلب شرائح الألوان السياسية والرأي العام عشية سقوط ملتمس الرقابة بفارق تسعة أصوات فقط (278 من أصل 287).