كرونيك

انصت لنفسك، ستفهم كل شيء

لا شك أن جاليليو عاش من أجل فكرة غيرت منظور الإنسان للعالم ولنفسه.

لم يقبل معارضوه، ومعهم آخرون يصفقون ويطبلون، أن الأرض ليست مركز الكون.

في الحقيقة، رفضت الكنيسة تفسيرا يضعها في ورطة حقيقية:

لم يعد الكون يدور من أجل الإنسان، وتراجع  المخلوق المتعجرف إلى مرتبة متأخرة في سلم أولويات الوجود الكبيرة واللامتناهية.

هكذا فوت علينا جاليليو فرصة ريادة الكون، والتحكم في تفاصيله.

ثم توالت الضربات تباعا.

فكك داروين ما رآه أوهاما قديمة حول السماء وعوالم الغيب حين صنف الإنسان مع كائنات الأرض الأخرى في منشأه وفي تطوره، لا غير.

لم يبق إذن ما نباهي به بعضنا سوى العقل البشري الفريد، أو هكذا ظن كثيرون.

خرج فرويد ليخبر الخلق  أن ما يملك من عقل ليس تحت تصرفه كما شاء، بل هو خاضع بلا قيد أو شرط لعوالمه الخفية والغامضة.

هي طبيعة البشر المتغيرة.

عصية على الفهم، وموضوع دائم الحضور في الفكر الإنساني.

ربما نحن كائنات متعددة تتعايش في جسد واحد، وتنطق بلسان واحد، ولكن بتناوب عجيب ومثير.

كتب جبران خليل جبران، من ضمن ما كتب:

“كلنا سجناء، غير أن فئة منّا في زنازين ذات نوافذ، وفئة لا نوافذ لزنازينها.”

أنت و أنا ومن معنا، لسنا شموسا تنيرالكون، ولا شياطين شريرة أو ملائكة أبرار.

نحن هذا وذاك.

شكسبير كتب للمسرح، وللحياة كذلك.

“الدنيا مسرح كبير، وكل الرجال والنساء ما هم إلّا ممثلين على هذا المسرح.”

اُترك دورك الصغير، الذي تسلمته منذ سنوات، تحت مسميات الشغل أو الطبقة الاجتماعية أو غيرهما، وانظر لنفسك في المرآة ثم انطلق عكس الطريق الآمن المرسوم لك.

بتلخيص شديد، اصنع عالمك كما تريد.

أما جاليليو وداروين وفرويد وجبران وشكسبير ومن تشاء، فلن يضيف لك إلا ما  تريده أنت.

انصت لنفسك، ستفهم كل شيء.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى

أنت تستخدم إضافة Adblock

برجاء دعمنا عن طريق تعطيل إضافة Adblock