رياضة

المولودية الوجدية لن تغادر قلوبنا ولو نزلت إلى أسفل سافلين

جمال اشبابي

ها هي اليوم تحل ٱخر عطلة أسبوع لفريقنا المولودية الوجدية في ٱخر دورة بالقسم الأول الإخترافي، تتوالى عطل نهاية الأسبوع الواحدة تلو الأخرى، وبدت ها متشابهة هذا الموسم. فكل اسبوع كان يمر إلا ونشعر بالحزن وبعض الفرح والإهتزازات الخجولة والمشاعر الرقيقة التي تدعو الجمهور للعودة إلى نفس المكان في الأسبوع التالي.

ومع ذلك، فإن الخطوة البطيئة والثقيلة هي أن نذهب إلى المدرجات أو أمام شاشتنا في كل مرة لنرى كيف تدهور نادينا وكيف يزداد غرفه يوما بعد يوم.

ورغم توالي المدربين واللاعبين عليه، أصبح كل الحب الذي نحمله لهذا الفريق، تحركه فقط عاطفة طفولية وذكريات موجودة الآن بداخلنا، لأن الفريق الحالي، ورغم بعض بصيص الأمل الذي يمثله لاعبوه ومدربه الحالي، هو فريق لا يشرفنا سواء على مستوى التسيير أو على مستوى النتائج.

المولودية الوجدية تعني للكثيرين منا، ذلك الإنجذاب الجسدي والحب الذي لا يمكن مقاومته، ويجب الإعتراف هنا أيضا بأن هذا الحب صار إرثا أسريا وطقوسا مقدسة، لهذا لن تغادر المولودية الوجدية قلوب محبيها وإن نزلت إلى أسفل سافلبن.

المولودية حب لا يمكن تفسيره، رغم كل الظروف، أو حتى الإبتعاد عن المدينة بٱلاف الكيلومترات، لنجد أنفسنا يوما ما في ملعب كرة قدم، رغما عن أنوفنا، ليصبح حب الفريق مثل اليقين الروحي الذي يأتي لزعزعة كل شيء، كما لو كان الأمر كذلك دائما، فهذا النادي هو الذي نحب قبل كل شيء، رغم حبنا للبارصا و الريال وغيرهم، هو حب متفرد، حب فوق الصداقات الحميمية، وفوق أي شيء.

فلا شيء يمكن أن يحول بيننا وحب النادي، رغم خدلان الرؤساء وتعاقب السماسرة، والبزناسة، فحب النادي فينا مثل وشم على الجلد، لا توجد طريقة للتخلص منه، فما عاد لدينا الآن سوى التعامل معه مثل داء يصيب الجسد ولا شفاء منه.

أصبح لزاما علينا تتبع عواطفنا وحالاتنا المزاجية فقط، في انسجام مع حالة وديناميكية فريقنا، وتقلباته، وفضائحه وكل العار الذي كبدنا إياه بعض مسيريه، ولكن لن ينسينا ذلك لحظات انتشاءنا بانتصاراته.

ورغم انحراف الفريق تماما في محطات كثيرة، نبقى أوفياء للنادي ليصبح هذا الإختيار اللاشعوري طاقة لدعمه طوال حياتنا، إلى درجة أن نصير سجناء لهذا الشغف الرياضي الذي يسري في عروقنا، سواء بقينا بالقسم الأول أو نزلنا حتى لفرق الأحياء، لأن المولودية الوجدية جزء منا ومن حياتنا وشخصيتنا.

فأطفال الأمس الذين كنا من بينهم لدعم هذا الفريق بكل جوارحنا ونشاهد بإعجاب تلك الملصقات الكبيرة كل أسبوع، وكان علينا تحمل الهزات، وارتعاش الخوف من هزيمة مصيرية، أو أمل في إنتصار مدوي، لم نعد قادرين اليوم على تحمل المزيد، فالجسد لم يعد تساير قوة الشباب، ولا الأعصاب صارت تتحمل قوة الصدمات والإنتكاسات.

فقط هذا الطفل المولودي بداخلنا، يستطيع تحمل كل الأزمات، لأنه حيثما يصاب الكبار بالجنون، يتمتع الطفل بامتياز اللاوعي الثمين هذا، فتندمل الجروح سريعا وتزول، رغم سننا المتقدم

فلن ننسى تلك اللحظات من النشوة، فهي التي أوجدت شغفنا بكرة القدم ونادي قلوبنا، وأيضا أولئك الذين رحلوا عنا لأننا لم ننساهم وبقوا في أذهاننا وفي ذاكرة مدينة بأكملها. وحتى اليوم، لا يمكننا التفكير في أخبار فريقنا دون إعادة التفكير في المشاعر التي قدموها لنا في الماضي.

فالمولودي الحقيقي لا يغيب العواطف، ولا يأمن بالإستسلام، وهو أيضا، من يتذكر فقط اللحظات الرائعة ونحن ننظر حولنا بكل فخر لفريقنا، في مزيج بين الإبتسامات والدموع.

المولودي الحقيقي هو من يأمن بأن الحلم ليس ملكا للآخرين فقط، وأنه لم يبق لنا منه شيء، لأن في داخل كل مولودي ذكريات طفولة، وأفراح نحب أن ننغمس فيها كثيرا كما الأمس، والإحتفال بانتصارات الخضرة و البيضة.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى

أنت تستخدم إضافة Adblock

برجاء دعمنا عن طريق تعطيل إضافة Adblock