المغرب وجها لوجه مع “أمنيستي” و”بيغاسوس” في أورقة الأمم المتحدة
أصدر مجلس الأمم المتحدة لحقوق الإنسان في دورته السابقة الـ48 بتاريخ 13 أكتوبر 2021، قرارا يحمل رقم 4/48، A / HRC/RES/48/4، معنونا بـ”الحق في الخصوصية في العصر الرقمي”، ومما جاء فيه أن المجلس يلاحظ بـ”قلق بالغ أن الأفراد والمنظمات الناشطين في مجال تعزيز حقوق الإنسان والحريات الأساسية والدفاع عنها، والصحافيين وغيرهم من العاملين في وسائط الإعلام، كثيرا ما يتعرضون، في العديد من البلدان، إلى المساس بحقهم في الخصوصية بشكل تعسفي أو غير قانوني، بسبب أنشطتهم… وأيضا إلى استخدام الأدوات التكنولوجية التي طورتها صناعة المراقبة الخاصة لحساب جهات فاعلة خاصة أو عامة لأغراض المراقبة، واختراق الأجهزة والنظم، واعتراض الاتصالات، والتدخل في الحياة الخاصة والمهنية للأفراد…”.
وتعهدت جميع الدول، بعد هذا القرار، بأن “تمتنع عن استخدام تكنولوجيا المراقبة بطريقة تتنافى والالتزامات الدولية في مجال حقوق الإنسان، بما في ذلك استخدامها على الصحافيين والمدافعين عن حقوق الإنسان، وأن تتخذ إجراءات محددة للحماية من انتهاك الحق في الخصوصية بوسائل منها تنظيم بيع أو شراء تكنولوجيا المراقبة ونقلها واستخدامها وتصديرها” (الفقرة ك.)
يأتي قرار مجلس حقوق الإنسان، الذي يُعتبر التزاما دوليا لكل أعضاء الأمم المتحدة في سياق إعداد المقررة الخاصة المعنية بحرية الرأي والتعبير لتقريرها المؤجل من الدورتين 47 و48 لمجلس لحقوق الإنسان، وفق مذكرة موجهة إلى الأمانة العامة للأمم المتحدة، خلال ولايتها المقدمة في أكتوبر 2021، تحت عدد A / HRC/48/37، وأن التقديم سيكون في الدورة 49 المقرر عقدها ما بين 28 فبراير 2022 إلى 1 أبريل 2022.
المقررة الخاصة المعنية بحرية الرأي والتعبير سبق لها أن نشرت تقريرا عامة بمناسبة الدورة 41 لمجلس حقوق الإنسان، في يوليوز 2019، تحت رقم A/HRC/41/35/Add.3، وجاء في الفقرة الـ19 منه، المعنونة بـ”مصنّعي الأسلحة”، كون “المغرب إلى جانب الجزائر وقطر والسعودية والإمارات العربية المتحدة وعمان، قد اقتنوا بشكل سري من أكبر شركات التسليح البريطانية المسماة BAE Systems، برامج المراقبة التكنولوجية الشاملة، وكون هذه الدول التي اشترت هذه البرامج التجسسية معروفا فيها انتشار انتهاكات حقوق الإنسان”، ووفقا لتحقيق سابق لإذاعة BBC البريطانية، والذي كشف هذه الانتهاكات في الحق في الخصوصية، فإن “هذه التكنولوجيا المتطورة جدا، يمكنها التجسس على عدد كبير من رسائل البريد الإليكتروني والهواتف المحمولة للأشخاص”.
وللإشارة، فإن نظام الإجراءات الخاصة التابع لمجلس حقوق الإنسان ليس أول مرة يوجه ملاحظات باقتناء المغرب لبرامج خبيثة للتجسس، فقد سبق للمقرر الخاص المعني بالحق بالتظاهر والتجمع السلميين في مداخلة مشتركة مع المقرر الخاص المعني بحرية الرأي والتعبير، وذلك بمناسبة تقديم لتقريريهما أمام مجلس حقوق الإنسان في دورته 41 والمؤرخ في 17 ماي 2019، تحت رقم/HRC/41/41A، أن سجلا أن المغرب، من بين دول أخرى كالبحرين وكازاخستان والسعودية والإمارات العربية المتحدة، “استخدم برمجيات التجسس التجارية، مثل تكنولوجيا الرصد (فينفيشر ) FinFisher، ومجموعة برمجيات التجسس (بيغاسوس = Pegasus)، لشن هجمات سيبرانية على الفاعلين في المجتمع المدني”، وأن “هذه الهجمات تسمح بقرصنة ومراقبة اتصالات الناشطين والمدافعين عن حقوق الإنسان والصحافيين، وأيضا تحديد مواقعهم وأنشطتهم في الوقت الحقيقي”.
وبالعودة إلى تحديات المغرب خلال الدورة المقبلة (49) لمجلس حقوق الإنسان، نجدها تتمثل في:
أولا، أن المقررة الخاصة المعنية بحرية الرأي والتعبير هي السيدة إيرين خانIrene Khan، وهي الأمينة العامة السابقة لمنظمة العفو الدولية لأزيد من ثماني سنوات، ما بين 2001 و2009، ومعلوم أن منظمة العفو الدولية من بين المنظمات الدولية الرئيسية التي تتهم المغرب باقتناء أنظمة التجسس والمراقبة التكنولوجية، كما أن المغرب له توتّر كبير مع هذه المنظمة سواء من خلال منع فرعها بالمغرب من القيام بأنشطته الحقوقية أو عبر رفض دخول مراقبيها وباحثيها من أجل القيام بالتقصي أو الاستطلاع في مجال حقوق الإنسان في المنطقة، كما توجد حاليا دعاوي قضائية في عدد من محاكم الدول الأوربية التي رفعها المغرب ضد المنظمة في ما يتعلق بموضوع برنامج “بيغاسوس”.
ثانيا، المغرب، الذي أعلن ترشحه لعضوية مجلس حقوق الإنسان، في الفترة الممتدة من 2023 إلى 2025، سيكون مطالبا بأن يستجيب وأن تتلاءم قوانينه وإجراءاته مع قرار مجلس حقوق الإنسان المذكور في أول المقال، أي قرار رقم 48/4 والمعنون بـ”الحق في الخصوصية في العصر الرقمي”…