المحـرقـة، الهولوكوست.. بين المبالـغة ونفاق الأمـم، فلسطين تحترق
عبد الإله شفيشو
في 27 يناير من كل عام يحيي العالم المتعاطف مع اليهود ودولتهم العنصرية إسرائيل وفق لجنة العفو الدولية في بيانها الذي أصدرته 2 فبراير 2022 اليوم العالمي لما يسمى “الهولوكوست” أي المحرقة النازية ضد اليهود، وكالعادة وتحت الضغوط النفسية التي يتعرض لها كل من ينكر هذه المحرقة أو يشكك فيها استغلت الصهيونية العالمية هذه المناسبة لكسب المزيد من التأييد السياسي والتضامن العاطفي مع مقولاتها وبالتالي مشاريعها الإستيطانية في فلسطين كأن الذين (أحرقوا اليهود في غرف الغاز) هم الفلسطينيون وليسوا الألمان كما يزعمون، ولقد تصدى العديد من المؤرخين والكتاب وأساتذة الجامعات من مختلف الإختصاصات لأكاذيب الصهيونية حول المحرقة النازية وقال عنها الكثيرون إنها سخيفة وبعيدة عن الواقع ورغم ما يبدو من تحسن في هذا الواقع بعد قيام بعض الدول العربية الشريكة في اتفاق إبراهام للسلام بإلقاء الضوء على قضية “الهولوكوست” إلا أن استطلاع للراي الذي أجراه مركز سابان لسياسة الشرق الأوسط في يونيو 2010 أظهر أن نسبة 56% من المواطنين في الدول التي استهدفها الإستطلاع وهي مصر والأردن ولبنان والمغرب والإمارات العربية المتحدة لا تتعاطف مع قضية المحرقة.
عملية “طوفان الأقصى“ أجهضت مشاريع التطبيع وقوضتها
إن عملية “طوفان الأقصى” هي التي مثلت الأمل الذي كانت تنتظره الجماهير العربية والإسلامية التي خيم عليها الأحزان والهزائم وهذا ما يفسر كيف أن الهبة الشعبية للمعركة كانت قوتها مفاجئة وغير متوقعة ورافضة لعمليات التطبيع، نعم لا يستطيع أحد حتى الآن تفسير هذه الهبة الشعبية القوية لكن أقرب التفسيرات هو وحدة الشعب الفلسطيني والروح الجديدة التي تسري في جسد هذا الشعب وهي الطريق للحرية والإستقلال وهذا السيناريو هو الأسوأ لتطبيع تلك الأنظمة العربية مع كيان الإحتلال الإسرائيلي، هي الهبّة التي قلبت الطاولة في وجوه المطبّعين وصحّحت البوصلة وكانت أشبه بالكابوس على مسار التطبيع فقد حاولت دول التطبيع على مدى سنوات أن تشوّه صورة المقاومة الفلسطينية بشكل عام وحركة حماس بشكل خاص و اتهمتها بالمتاجرة بالقضية وبالتصرف وفقاً للمصالح الإيرانية على مصلحة الشعب الفلسطيني بل إن الأمر وصل حدّ وصم المقاومة الفلسطينية بالإرهاب، بل توهم المطبعون أن التطبيع قدر المنطقة وأنهم قاب قوسين أو أدنى من تصفية القضية الفلسطينية لا سيما بعد الإعتراف الأمريكي بالقدس عاصمة للكيان وبعد ما سُمّي بصفقة القرن وظنّوا أنهم قادرون عليها فأتاهم الله من حيث لم يحتسبوا بحيث بعثرت عملية “طوفان الأقصى” أوراقهم.
إن عملية “طوفان الأقصى” فغالبية الشعوب العربية والإسلامية باتت أشد استنكارا ورفضا لكل نشاطات التطبيع وفعالياته بعد جرائم الإحتلال الصهيوني الأخيرة في القصف الهمجي الجنوني لقطاع غزة والقتل اليومي في الضفة بالإضافة للإقتحامات اليومية للمسجد الأقصى تلك الأرض المقدسة التي إليها كان الإسراء ومنها كان المعراج(سُبْحَانَ الَّذِي أَسْرَى بِعَبْدِهِ لَيْلًا مِنَ الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ إِلَى الْمَسْجِدِ الْأَقْصَى الَّذِي بَارَكْنَا حَوْلَهُ لِنُرِيَهُ مِنْ آيَاتِنَا إِنَّهُ هُوَ السَّمِيعُ الْبَصِيرُ)، ففي قراءة لمشهد ما بعد المعركة الأخيرة فإن مشاريع التطبيع تلقت صفعة مدوية في خضم المعركة و يمكن أن نتوقع تراجعا في فعاليات التطبيع ولكنه تراجع مؤقت، فالأنظمة التي تسعى للتطبيع كالإمارات والبحرين والسعودية والمغرب فضلا عن الأردن و مصر بطبيعة الحال هي أنظمة ترى في علاقتها بإسرائيل مصلحة استراتيجية و هذه الأنظمة تطبع عمليا منذ سنين أو منذ عقود ولكنها أرادت الآن أن تمارس تطبيع التطبيع بحيث تجعل العلاقة مع الصهاينة علاقة مقبولة جماهيريا مع العلم أن العلاقة مع إسرائيل لا تعود بأي مصلحة على الأوطان وإنما المصلحة المرجوة هي مصلحة الأنظمة التي تحتاج إلى الدعم الصهيوني في واشنطن.
إن عملية “طوفان الأقصى” أجهضت المحاولات الإسرائيلية وشركائها المستمرة لإشراك الفلسطينيين وغيرهم من الأنظمة العربية في تاريخ المحرقة وهي محاولة لصرف النظر عن الحاضر الصهيوني اليهودي الإسرائيلي الإجرامي ومحاولة لتبرير جرائمه المستمرة ضد الشعب الفلسطيني والإعتراف بـحق إسرائيل في الوجود والخضوع لها كدولة يهودية استعمارية عنصرية، فمع وصول “أدولف هتلر Adolf Hitler ” إلى السلطة تبنت الصهيونية العالمية مقولات النازية المعادية لليهود ودعمتها بشكل مباشر وغير مباشر عبر تخويف اليهود بها ومنها ضرورة طرد اليهود وقال الصحافي اليهودي الصهيوني Emil Ludewig””(سيأتي اليوم الذي سيجد فيه بنو إسرائيل وبإسم الصهيونية العالمية أنهم مضطرون إلى إقامة نصب تذكاري لهتلر لدوره في الهجرة إلى فلسطين)، وبفضل حملات التخويف والترهيب هته هاجر 50 ألف يهودي ألماني إلى فلسطين في الفترة الممتدة بين 1933 و 1939 بدعم من قوات الإنتداب البريطاني. والأهم من كل ذلك أن هؤلاء اليهود أسسوا منظمات “Haganah” “Stern” و”Irgun” الإرهابية وقام ضباط نازيون بتدريبهم على السلاح الذي نقلوه من ألمانيا وبولندا إلى فلسطين.