كرونيك

المجرم الذي يتجول بيننا بكل حرية…!

ليس كافيا أن ننعى الطفل عدنان، ثم نقلب الصفحة ونستمر في أشياءنا اليومية، وكأن الأمر لا يعدو أن يكون مجرد حادث عرضي عادي.

بعد كل الدعاء الصادق بالرحمة لروح صغيرة طاهرة ، ذهبت ضحية وحش بشري لا كلمات لوصف ما اقترفه، اتساءل ماذا بعد؟

كم من عدنان نحتاج كي نفكر جديا في طرق ناجعة و قوانين صارمة لحماية طفلاتنا وأطفالنا؟

كم من أب مكلوم نحتاج لجعل أزقتنا وشوارعنا فضاء آمنا للعيش؟

صورة الأب المسكين وهو يفترش الأرض بلا حيلة ولا عزاء بحجم الفقد، وكأنه يستجديها أن تنفتح وتأخذه أيضا ليلحق بصغيره المغدور، تلخص كل الآلام والمعاناة التي سببها مجرم بلا قلب، ظل يتجول بيننا بكل حرية، قبل أن تطاله يد الشرطة متأخرة.

سقط عدنان صدفة.

المرشحون لرحلة بلا عودة هم كل الأطفال، في طنجة وفي كل مكان داخل الوطن، وحتى خارجه.

لسوء حظ الإنسانية، لا زالت كل المجتمعات، مهما وصلت من حضارة ومدنية، تعاني من وجود المرضى النفسيين والمعتوهين أمثال مغتصب وقاتل الطفل عدنان.

الوحوش القذرة تتجول طليقة، تتربص وتنتظر أن تمد مخالبها الكاسرة لنهش أجمل وأطيب خلق الله.

لا، السجن لا يكفي.

ليس هذه المرة، طفح الكيل.

توجد في القانون المغربي عقوبة إسمها الإعدام.

كل مبررات المطالبين بإلغائها قد تكون سليمة وتنطلق من دوافع إنسانية ومنظور حقوقي يستحق كل الاحترام، لكن العقوبة لا زالت موجودة بقوة القانون ومن واجب القاضي، بعد التداول وبعد أن يتمتع المتهم أو المتهمون بكافة ضمانات المحاكمة العادلة، وبعد  تكوين القناعة الكافية، أن يحكم بما يلائم الجريمة وأن يسهر على تنفيذ الحكم، بلا هوادة.

أمام فاجعة تتكرر بعد كل حين، العقوبة القصوى مطلوبة وبشدة.

تذكروا: بعد أن عاث في الأرض اغتصابا وقتلا، ذهب سفاح تارودانت إلى السجن حيث طبق الأكل اليومي مضمون ومكان للنوم  وساحة للفسحة ومشاهدة زرقة السماء.

أما عدنان، فلن يلعب مع أقرانه، بعد أن توقف قلبه عن الخفقان، وتجمدت أعضاؤه استعدادا لمعانقة تراب الأرض البارد.

لن يغني فرحا بالعيد القادم.

لن يعلن: أحبك أمي.

لن يغضب لسبب طفولي مضحك، فيصالحه أبوه ويحضنه.

لن يقف مشدوها أمام قطرات المطر الأولى أو عند تغريد عصفور حل صدفة فوق شرفة المنزل.

لن يحلم أن يصبح طبيبا أو جنديا أو فنانا مميزا.

ببساطة، لا تنميق فيها، توقف حاضر ومستقبل عدنان ولم يتبقى لوالديه ولمحبيه ولمن شارك صورته الجميلة على مواقع التواصل، سوى غصة في الحلق وحرقة في القلب.

“مَنْ قَتَلَ نَفْسًا بِغَيْرِ نَفْسٍ أَوْ فَسَادٍ فِي الْأَرْضِ فَكَأَنَّمَا قَتَلَ النَّاسَ جَمِيعًا وَمَنْ أَحْيَاهَا فَكَأَنَّمَا أَحْيَا النَّاسَ جَمِيعًا ۚ” سورةالمائدة، الأية 32.

تتداول مواقع التواصل صور أطفال آخرين غابوا عن منازل ذويهم في مدن مختلفة، وجاري البحث عنهم حاليا. عسى أن لا يكونوا في قائمة الضحايا، لا قدر الله.

حان الوقت كيف يتحرك المجتمع والدولة لكي يتوقف كابوس اختطاف واغتصاب وقتل الأطفال.

حان الوقت أن تنزل أقصى عقوبة ممكنة على القتلة والسفاحين.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى

أنت تستخدم إضافة Adblock

برجاء دعمنا عن طريق تعطيل إضافة Adblock