كرونيك

الكومبــــــارس

“الكومبارس”، هم أصحاب الأدوار الثانوية في السينما، وقد يعود إليهم الفضل، أحيانا، في نجاح الفيلم.

في مرات نادرة، يتفوق الكومبارس على البطل الرئيسي للفيلم في إتقان الدور وجودة الأداء.

غالبا، يتذكر المشاهد وجوه الكومبارس ويفشل في استحضار أسمائهم.

وظيفة الكومبارس ليست حصرا على الفقراء والبسطاء.

رغم هزالة مبالغ التعويض، يشهد تاريخ السينما المصرية، مثلا، بالمؤهلات العالية لبعض اشهر الكومبارس، منهم موظفون، وطبيب وضابط في الجيش، وغيرها من الوظائف المحترمة.

عشق السينما يشبه عشق السياسة، كلاهما يجذبان جمهورا كبيرا وتتعدد فيهما معا الأدوار، من الكومبارس إلى النجومية.

هناك أحزاب بدأت بحفنة من الأشخاص المجتمعين حول فكرة واحدة، وكبرت وتمددت حتى صارت تجمعات تؤثر في الحياة العامة وتنافس على حصة الأسد في تدبير الشأن العام.

سطع نجم مؤسسيها مع نجاح الحزب، حتى صار أيقونة حقيقية.

صعود الإسباني بابلو اغليسياس رفقة حزبه بوديموس نموذج جيد لحزب حقق نجاحا سريعا وشعبية حقيقية.

بدأ حزب الأصالة والمعاصرة بسيناريو طموح وتوزيع أدوار يليق بسينما هوليود.

المؤسس عضو نافذ وكلمته مسموعة. أصحاب الأدوار الرئيسية جاؤوا، أو استقدموا، من كل حدب وصوب.

استقطب الحزب أعدادا هائلة من المنخرطين. تحول بسرعة، وبكثير من المال، إلى “إنتاج” ضخم.

مشكلة الحزب أنه استمر، في كل مرة، في استقطاب أناس من خارج الكوكبة للعب الأدوار الرئيسية، وتجاهل مناضليه “الكومبارس”.

قام بتعيين منسقين جهويين لا تاريخ يذكر لهم بين مناضليه، سعيا وراء الأعيان وأصحاب المال والنفوذ.

قبل ذلك، فشل مؤتمر الجديدة، وتحول إلى محطة مضحكة أخرى في تاريخ الحزب.

يبدو أن المخرج يواجه صعوبات كبرى في قراءة سيناريو المرحلة وفرز الممثلين عن الكومبارس.

تحمل الحركة التصحيحية داخل البام شعار “لا محيد”.

وقد يقصد من وراء هذا الشعار “الطنان”، رغبة جامحة في ان يعيد وهبي توزيع الأدوار بما يضمن مكانة أفضل لأصحاب الشعار.

ليس عيبا أن تلعب دور الكومبارس. تصفق وتلبس قبعة جميلة تحمل صورة جرار أزرق، تسير وراء من خطط له منذ البداية أن يصل إلى البرلمان ولمختلف المناصب، خصوصا عندما يكون المشروع الفكري للحزب ضعيف وربما لا يؤمن به أحد داخل التنظيم.

العيب، كل العيب، أن تتصور في لحظة ما، أن حزبا اختلط فيه الكومبارس بالممثلين الرئيسين، وضاع سيناريو التنفيذ من مخرجه الجديد، يمكن أن ينافس في الانتخابات القادمة.

بين السينما والسياسة فرق واضح:

السياسة تحتاج أناسا حقيقيين، وحزبا حقيقيا، يحمل مشروعا حقيقيا ونزيها.

فليستمر الكومبارس في التصفيق والتهليل إذن.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى

أنت تستخدم إضافة Adblock

برجاء دعمنا عن طريق تعطيل إضافة Adblock