كرونيك

القلب الذي ظل ينبض من أجل كل اليسار

رحل عبد المجيد بوزبع .

تحسر شعب اليسار وشرفاء الوطن، على قلب ظل ينبض لسنوات من أجل أن تسود قيم اليسار، وعلى رأسها العدالة الاجتماعية .

حارب صحبة قبيلة اليسار، حين واجه حكومات انبطحت أمام توصيات مؤسسات الرأسمالية الدولية، ثم حارب داخل قبيلته احتجاجا على ما سمي “التناوب التوافق.”

لكن قلبه ظل دائما ينبض من أجل اليسار، كل اليسار.

ليس غريبا اذن ان يستعجل الرحيل، شهورا قليلة على توديع رجل نزيه، مترفع عن منافع السياسة إسمه اليوسفي.

هكذا تتساقط أوراق الشجرة التقدمية الوارفة، واحدة تلو الأخرى.

خارج السياسة، عرف الطبيب الراحل المختص في الشرايين والقلب، في الوسط الطبي، بخدمة الفقراء والمحتاجين.

أتاح عملية القسطرة لكثيرين ممن لا يملكون ثمن علبة أسبرين.

هكذا عرف بين الناس: إنسانا أولا وأخيرا.

ما أكثر السياسيين وما أندر رجال السياسة الملتزمين.

خلال عشر سنوات الأخيرة، رأينا من كل الألوان، قائدا نقابيا يقبل منصب وزير التشغيل ليستبدل ملف مطالب الشغيلة بربطة عنق وسيارة فارهة ومواقف على النقيض تماما مما كان يناضل من أجله.

وزير محسوب على اليسار يقترح بكل اقتناع تكميم الأفواه ولجم حرية التعبير.

هكذا هي السياسة، تكشف معدن من يمارسها حين يقبل إغراءات السلطة. يختار في لحظة مفصلية أمام مكاسب آنية ورخيصة يبيع في مقابلها كل ما كان يردد من خطب رنانة وكلمات ثورية، أو يصمد ويتشبث بقناعاته الأولى.

كتب اليساري الراحل عبد الرحيم بوعبيد في وصيته الأخيرة:

“إن فرض مبادئ الديمقراطية وحقوق الإنسان يتطلب الصبر.. فنحن لنا في هذه البلاد رسالة نريد أن نؤديها على أحسن وجه، وأن نمهد الطريق للأجيال الصاعدة.. إننا نشعر بالاطمئنان على ما قمنا به من أجل الوطن، وإن كان ليس هو الكمال، ومع ذلك نعتبر بأن ما أسديناه من عمل متواضع يتجه إلى الشعب وإلى المصلحة العامة..”

يغادر الكبار بعد أن يتركوا مواقف ثابته تنير الطريق، حتى حين تتحول السياسة في زمن رديء إلى مجرد معبر نحو الرفاهية الاجتماعية أو تقاعد مريح.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى

أنت تستخدم إضافة Adblock

برجاء دعمنا عن طريق تعطيل إضافة Adblock