سياسية

العرض السياسي للبيجيدي نكوص وانفصام (1)

قدمت الأمانة العامة لحزب العدالة والتنمية، يوم 24 ماي 2021، “العرض السياسي” الذي يغطي محطات الحزب ويقدم تصوره الإصلاحي ومكاسبه السياسية وبرنامجه في حالة العودة إلى قيادة الحكومة ؛ كما ” يشكل التأطير السياسي للبرنامج الانتخابي”. أي ” سيكون مرجعا في صياغة البرنامج الحكومي في حالة إذا كان الحزب مشاركا في التدبير الحكومي.”فالعرض السياسي” “يستمد منطلقاته من الأوراق التأسيسية العامة للحزب”.

بمعنى أن الأسس الإيديولوجية والعقدية التي تأسس عليها الحزب هي التي تؤطر هذا “العرض السياسي” وتسمح بفهم خلفياته وأهدافه. ومن ثم تكون كل برامج الحزب وخططه وشعاراته في خدمة إستراتيجية “أسلمة” الدولة والمجتمع والأسرة والفرد ، وتنفذ التعليمات التي سبق ووجهها مصطفى مشهور ،المرشد العام للتنظيم الدولي للإخوان بمصر، في رسالة مفصلة ومحددة الإجراءات والأهداف التي بعث بها إلى إسلاميي المغرب سنة 1996 ، والتي تم على ضوئها التحاق إخوان بنكيران بحزب عبد الكريم الخطيب لتنفيذ إستراتيجية “الأسلمة” وخطة اختراق الدولة كما حددها المرشد العام (هذه رسالة لإخواننا في المغرب ، وهي الرسالة الثالثة التي يأفل بها هذا العقد وهي خطة عمل ننهي بها القرن العشرين ونبدأ بها قرنا جديدا يكون فيه التمكين بإذن الله تعالى ، وبهذه الخطة سيتحول فيها إخواننا في المغرب من مرحلة الاستضعاف والصبر السلبي إلى مرحلة القوة والصبر الإيجابي ليفتح الله لهم حكم بلادهم فيكونوا درعا للإخوان وحكومة من حكومات دولة الخلافة المنشودة لترفع راية الإسلام خفاقة من المشرق إلى المغرب وتكون كلمة الله هي العليا ). في إطار هذه الإستراتيجية “خضع العرض السياسي للحزب لعدد من التحولات والتطورات” لخصت الأمانة العام للحزب معالمها الكبرى كالتالي : المرحلة الأولى: من المؤتمر الوطني الاستثنائي سنة 1996 إلى سنة 2007 وتميزت بفترتين مر بهما الحزب : ــ الفترة الأولى :فترة المساندة النقدية لحكومة الراحل عبد الرحمن اليوسفي التي رفض البيجيدي المشاركة “الرمزية” فيها لأنها لا تتيح له فرصة تمرير عقائده الإيديولوجية وترجمتها إلى قوانين وقرارات ، وفق ما تنص عليه تعليمات المرشد العام للإخوان. ذلك أن المشاركة في الحكومة ليست هدفا في ذاتها ولا وسيلة لخدمة الصالح العام والاستجابة لانتظارات المواطنين، وإنما هي فرصة للتغلغل في الدولة والمؤسسات الدستورية وتوظيفها لخدمة استراتيجية أسلمة الدولة وقوانينها. وقد جاءت أطروحة المؤتمر السابع للحزب واضحة في هذا الشأن حيث اعتبرت قضايا المرجعية والهوية (من قضايا تدبير الشأن العام مما يقتضي التركيز على مقاربتها تشريعيا ورقابيا وترجمتها إلى إجراءات عملية واقعية في إطار برامج سياسية تطرح ديمقراطيا ضمن المؤسسات المنتخبة ذات الصلاحية). إذن لم يكن الهدف من المشاركة في مؤسسات الدولة هو بناء مجتمع حداثي ودولة ديمقراطية وخلق فرص التنمية ، بقدر ما كان وسيظل هو “الأسلمة” باسم “الهوية الإسلامية” والتصدي لكل جهود التحديث والدمقرطة . ــ الفترة الثانية : هي اتخاذ موقف المعارضة حيث كشف الحزب عن أهدافه الحقيقية التي من ضمنها التصدي لكل الجهود التي تبذلها الدولة والقوى الحية في سبيل التحديث والدمقرطة . فالحزب يناهض الحداثة ويحمل مشروعا مجتمعيا نقيضا للمشروع المجتمعي الحداثي والديمقراطي.

لهذا، وإدراكا منه بكون عميلة تحديث الدولة والمجتمع تتوقف على الإقرار بحقوق النساء ووضع تشريعات تضمنها وتحميها ، تصدى ، بكل شراسة، لمشروع خطة إدماج المرأة في التنمية. وهذا ما أقر به “العرض السياسي” (الانتقال لموقع المعارضة حيث كان الحزب قد خلص بدءا من سنة 1999 إلى أن هناك توجها للمساس بهوية الشعب المغربي وهو التحليل الذي بلغ مداه خاصة بعد الإعلان عن “الخطة الوطنية لإدماج المرأة في التنمية”). فالحزب الذي نصّب نفسه “مدافعا” عن الهوية يشكل أخطر تهديد لها وللقيم التي تشبع بها الشعب المغربي ( قيم الاختلاف والتعايش والاعتدال والتسامح ..). حزب يتأسس على “الولاء والبراء” وتكفير جزء مهم من الشعب المغربي ، والتحريض على كراهية اليهود المغاربة؛ إذ كثيرا ما ظل يرفع شعارات مثل :”هذا عار واليهودي مستشا” همزا ولمزا وكراهية في المواطن المغربي من أصل يهودي الذي اتخذه الملك الراحل الحسن الثاني مستشارا لها وكذلك فعل الملك محمد السادس. علما أن اليهود المغاربة أكثر حبا وولاء وتعلقا بالمغرب من الإسلاميين. فالحزب استغل ولا يزال يستغل كل الفرص لاستهداف مدنية الدولة التي لن تسمح له بتطبيق مشروعه المجتمعي القروسطي. من هنا ناهض حقوق المرأة كما عارض وندد برفع الحكومة تحفظات المغرب على الاتفاقيات المتعلقة بالقضاء على كل أشكال التمييز ضد المرأة، خاصة مقتضيات المادتين 9 و16 من الاتفاقية.

كما ضغط على اللجنة الملكية لتعديل الدستور من أجل التراجع عن دسترة حرية الاعتقاد التي تضمنتها مسودة الدستور كالتالي «الدولة تضمن حرية المعتقد بما لا يتعارض مع القانون والنظام العام«. وقد استغل الحزب أحداث ما بات يسمى “بالربيع العربي” ليهدد النظامَ بالالتحاق بحركة 20 فبراير، ومن ثم دفع البلاد نحو المجهول إذا لم يُستجب لمطالبه/ضغوط.

(يتبع)

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى

أنت تستخدم إضافة Adblock

برجاء دعمنا عن طريق تعطيل إضافة Adblock