كرونيك

العالم واحد والإله واحد

قرر المغرب الرسمي أن يستأنف علاقته الدبلوماسية بدولة إسرائيل.

فليكن.

فهذه ليست المرة الأولى.

بعد اتفاق أوسلو، فتح المغرب الباب لتل- أبيب، عربونا للثقة في مصداقية الاتفاق وأملا في إنهاء الصراع.

آخر مرة، غادر الديبلوماسيون الإسرائيليون مبنى مكتب الاتصال في حي السويسي الأنيق بالعاصمة الرباط، المقابل لمبنى آخر كانت تشغله قناة إسمها الجزيرة، حين قرر شارون أن يقتحم نهارا جهارا  مسجدا في القدس.

المسجد اسمه الأقصى. ويحتل مكانة خاصة في قلوب أكثر من مليار مسلم.

جمع المتطرف شارون ما تيسر له من أتباع غلاة و توجه صوب باب المسجد بحجة أداء صلاة يهودية.

انتفض في وجهه الفلسطينيون، واشتعلت المنطقة في مواجهة بين جيش مدجج بالسلاح و مدنيين عزل.

توقفت عجلة السلام، البطيئة والمنهكة أصلا.

حينها، قال بيان للخارجية المغربية إن المملكة قررت إغلاق مكتب الاتصال الإسرائيلي في الرباط، ونظيره المغربي في تل أبيب.

وبرر البيان هذا القرار بإعلان الحكومة الإسرائيلية توقيف عملية السلام، وهو ما اعتبره المغرب آنذاك خطوة متعنتة، تخالف لغة الحوار والتفاهم وتفرض “لغة القوة والغطرسة.”

حدث هذا في دجنبر سنة ألفين.

مرت اذن أكثر من عشرين سنة على أول محاولة رسمية للتقارب بين الدولتين.هذه المرة مبرر العلاقات هو وجود مليون اسرائيلي من أصل مغربي.

في الجانب الأخر، يقولون السلام من أجل السلام.

فليكن.

تقول حكمة اليهود:

العام واحد، والإله واحد.

يرى اليهود المغاربة، الذين هاجروا إلى فلسطين المحتلة منذأربعينيات القرن الماضي، وساهموا بشكل فعال في إنشاء دولة إسرائيل، أن لهم حقا انسانيا في العودة متى شاؤوا لزيارة حاراتهم،و مدافنهم، وأوليائهم ببلد الأجداد، المغرب.

ولا عاقل في المغرب، يعترض على ذلك.

أهلا وسهلا.

ورد في سفر الخروج الثالث والعشرين، من توراة اليهود:

وَأَجْعَلُ تُخُومَكَ مِنْ بَحْرِ سُوفٍ إِلَى بَحْرِ فِلِسْطِينَ، وَمِنَ الْبَرِّيَّةِ إِلَى النَّهْرِ. فَإِنِّي أَدْفَعُ إِلَى أَيْدِيكُمْ سُكَّانَ الأَرْضِ، فَتَطْرُدُهُمْ مِنْ أَمَامِكَ.

مرارا،قامت دولة الاحتلال، فإسرائيل دولة احتلال بقرارات واضحة وصريحة من الأمم المتحدة، بطرد الفلسطينيين من مساكنهم ومن قراهم ومن مدنهم.

أما المغرب فلم يطرد مغربيا واحدا، ولا رفض استقباله بحجة يهوديته.

لازالت بيعات اليهود واقفة، ونظيفة ويمكن ليهود العالم أن يصلوا فيها، ويخاطبوا الرب متى شاؤوا.

تسيطر اسرائيل على معظم أجزاء الضفة الغربية، وتمنع الماء والغذاء والدواء على سكان غزة، وترفض اقتسام السيادة على القدس مع الفلسطينيين.

إسرائيل تريد كل الأرض، وكل السماء، وكل البحر.

وفوق هذا وذاك، تحلم برايتها فوق عواصم المنطقة.

لا يستقيم الأمران.

ما من وصف أجمل وأبلغ مما ردده الراحل عرفات، سلام الشجعان.

سيتحقق سلام الشجعان يوم يتمكن المهجرون الفلسطينيون من العودة إلى بيوتهم، وترضى دولة إسرائيل بترك ما وراء حدود السبعة وستين للفلسطينيين لإقامة دولتهم وعاصمتها القدس الشرقية.

فليسدي الإسرائيليون من أصل مغربي هذه النصيحة الغالية لمواطنيهم هناك، ولأنفسهم أيضا، للسلام الدائم حقوقا يجب أن تردها دولتهم إلى أصحابها دون تأخير.

لعلها مجرد صرخة في واد، لا غير.

فكما يقول المثل اليهودي:

لا أحد أصم مثل الرجل الذي لا يستمع.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى

أنت تستخدم إضافة Adblock

برجاء دعمنا عن طريق تعطيل إضافة Adblock