كرونيك

الصـــلاة والســــلام علـــــــــــــــــــــيك آرسول الله…

لم يتحمل الجنرال ديكول مرارة الهزيمة يوم قرر الفرنسيون خلال استفتاء دستوري، معاقبته بالتصويت ضد مشروع الإصلاح الذي قدمه في شهر أبريل 1969.

قبل عام، انتفض الفرنسيون فيما اصطلح على تسميته أحداث مايو ثمانية وستون، طالبوا بحرية أكثر وبعدالة اجتماعية حقيقية وأشياء كثيرة أخرى. حسب العديد من المحللين السياسيين والمؤرخين، كانت أغلبية الفرنسيين سنة 1969 لا تمانع مشروع القانون الذي عرض عليهم، إلا أنهم كانوا غاضبين من شارل ديغول واختاروا التصويت ضدّ مقترحه لدفع الجنرال إلى الاستقالة، حيث عبّر كثير منهم عن ضجرهم وسخطهم من سياسته بعد 10 سنوات قضاها على رأس الجمهورية الخامسة.

لم يأت الجنرال لعالم السياسة من أجل إصلاح المطبخ والصالون أو دورة المياه. كان بطل تحرير ومقاوم استحق إعجاب العالم حين واجه النازية وتحمل عجرفة حليفه تشرشل حتى انتصرت فرنسا الحرة واستعادت مكانها بين الأمم.

كان ايضا خطيبا مفوها وكاتبا أنيقا. لم يسأل خصومه عن العرافات والشوافات ولا هدد وتوعد بالكلام السوقي البليد.

رغم كل هذا، قرر الناخبون ان عليه ان يرحل، وكفى.

ان كان لا بد من مقارنة ما، بزعيم حزبي مغربي، يحضرني دون جهد سي عبد الرحمان اليوسفي.

عاش كبيرا ومتعففا ورحل كبيرا ومتعففا.

أما من لا يستحق حتى ان يذكر اسمه، فلن أذكره. فلا هو ديغول، ولا هو اليوسفي ولا هو حتى رجل صادق في أقواله وأفعاله منذ عشر سنوات.

سجل تصريحاته شاهد على نفاقه المستمر.

والسلام

عشر سنوات من المرارة، ومن خيبة الأمل في سياسة حزب دخل تدبير الشأن العام من باب الدين والدعوة وأحاديث لا تنتهي عن الغرغرة والقرقرة.

رفع زعيمه وإخوانه شعارات الطهرانية الأخلاقية ومحاربة الفساد والريع وانكشفت نواياهم عندما استأسدوا على الطبقة المتوسطة وعلى فئات الاطباء والممرضين والأساتذة.

الشعب صوت وقرر.

لا يملك أحد، أي كان، حصانة دائمة ليجثم على أنفاس ناخبين لم تعد لهم القدرة على مزيد من الصبر.

خلال الساعات الأولى من يوم 28 أبريل 1969، بعث شارل ديغول رسالة لرئيس المجلس الدستوري الفرنسي جاء فيها: “سأتوقف عن ممارسة مهامي كرئيس للجمهورية. هذا القرار يدخل حيّز التنفيذ اليوم مع منتصف النهار”.

ديغول جاء للسياسة بطلا ومحررا وغادرها ورأسه مرفوع حين فهم ان الشعب لم يعد يريده.

أخر من اكتوى من سلاطة لسان زعيم القش هن النكافات.

فليسمحن لي أن استعير منهن صيحتهم الجميلة للتعبير عن الفرح:

الصـــــــلاة والســـلام عليك آرسول الله…

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى

أنت تستخدم إضافة Adblock

برجاء دعمنا عن طريق تعطيل إضافة Adblock