كرونيك

الساعة لله….!

عادت ساعة الشؤم وبشائر الربيع، من ورد وزهور وخضرة تسر الناظرين، تتأهب للرحيل.

الربيع أيضا يضيف للأرض حين يأتي: يضيف البهاء، ويبشر أهلها بالخير، ويجعل ساعات النهار أطول بقليل من أيام الشتاء القصيرة والباردة.

بعد حين، تتحول أزهاره إلى ثمار، فتنضج وتمتلئ حلاوة ورحيقا ممتعا، تنتظر القطاف.

ومن قطاف إلى قطاف، ومن ربيع إلى ربيع، أتمنى أن رؤوسا ملتحية جاء بها الربيع العربي قد أينعت وحان قطافها، على قول نقيب السفاحين العرب، الحجاج بن يوسف الثقفي.

لم نر منذ قدوم حكومة العثماني وسلفه بنكيران، لا زهورا ولا فاكهة ولا حتى ليلة نوم هنيئة.

للتاريخ، ما ظن جمع متفائل من الحالمين السذج أنه ربيع، لم يكن إلا نذير فصل قاحل، مقفر بلا ماء ولا زرع. ذبلت فيه الأماني، وتحول إلى سبع عجاف، أو أكثر من سبع بقليل.

دقت الساعة إذن.

ساعة الحساب مع من جاء بالفقر وبالتجويع سما زعافا ملفوفا في وعود دسمة معسلة وقصص عن بطن عمر وصور شعبوية في مطاعم الفقراء.

الساعة لله!

انتظر الناس زيادة في فرص الشغل، وفي جودة التعليم وفي نجاعة الصحة وفي الراتب الهزيل، ثم نالوا جميعا شيئا واحدا: ساعة إضافية.

الساعة تشير إلى لقيامة ولنهاية العالم.

وقد تشير إلى موضوع غير مرغوب فيه، فيطلب من المتحدث أن يبدل ساعة بأخرى.

انتفض الناس في عشرين فبراير وبدلوا حكومة بحكومة ودستورا بدستور، فسقطت عليهم نقمة ساعة غير مرغوب فيها، مع توابعها من سلة قرارات هوجاء.

ربيعنا خريف، وساعتنا عذاب.

ساعة ساعة، اتساءل لم تصلح هذه الساعة؟

الوزير بنعبد القادر وعد وخلف وعده. لم ينشر دراسة قال إنها جاهزة حول فوائد زيادة ساعة.

ساعة وعقد من الزمن في الجحيم.

ربما نسي السيد الوزير ونسي معه كل أعضاء الحكومة أن هناك ساعة للوفاء بالوعود.

ساعة الوفاء عند الحكومة ووزراءها مثل ساعة القيامة، لم تحن بعد.

آه من ساعة بثٍّ وشجونْ ولقاء* لم يكن لي في حسابْ

وحديثٍ لم يدر لي في الظنونْ* يا طويلَ الهجر يا مُرَّ الغيابْ

هكذا اختفى الربيع وغاب النوم بسبب ساعة يراد من وراءها تعذيب الجسد والذهن، فصرنا نتحسر على ساعتنا القديمة، مثل ما تحسر الشاعر ابراهيم ناجي على ساعة لقاء الحبيب.

ساعة السياسيين المراوغين قصيرة، تنتهي حين يظهر الفشل جليا واضحا مثل شمس الصباح.

غدا، ساعة النصر ونهاية سياسة الساعة المستوردة من وراء البحر.

°°°°°°

“أيها المارون بين الكلمات العابرة

احملوا أسماءكم وانصرفوا

واسحبوا ساعاتكم من وقتنا، وانصرفوا ”

محمود درويش

°°°°°°

بكل وضوح: اسحبوا ساعتكم الملغومة من  أيامنا…

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى

أنت تستخدم إضافة Adblock

برجاء دعمنا عن طريق تعطيل إضافة Adblock