نساء

الذبيحات

في رأيي سامية جمال كانت ترقص بغضب وعِند ورقي متَعمد (تلك الخادمة ترقص بأناقة مثل فراشات الباليه)، أما نعيمة عاكف فكانت ترقص بحزن ومكابرة وجهاد مع الانكسار والكآبة،،، صوت غنائها وحديثها كان يزعجني كثيرا فقد كان مملوء بالأسي كطفل  اجبروه علي النضوج  مبكرا دون ان  يرتوي من طفولته،،،، كأنما شد اوصاله الزمن ليطول  وهو مازال يحبو فكان صوتا  باكيا  فقد ملامحه من طول أساه وبدا كأنه معدني ذو نغمة واحدة متشنجة،، صوت نحيب  طفلة لا يهتم بها أحد تصحبه موسيقي ضاحكة،،، نحلة لعبة لفها احمق ما وهي لم تتهيأ بعد للدوران فاستنفذت أقصي ما لديها ثم تهاوت متخبطة مهدورة ملقاة علي الارض دون حراك في فترة قصيرة وسرعة قياسية  للعدو نحو النهاية (ماتت نعيمة في عمر ٣٥ )،،،،، نجوي فؤاد كانت ترقص مثل بنات عشتار او إماء داعش مخدرة المشاعر حتي تتناسي ما فعل الدهر بها وفوق وجهها ابتسامة سكير(خذوا جسدي ولكن لن تحصلوا علي روحي)،، المنتهكات قد يهربن من الشعور بالعجز للخدر واللامبالاة،، تحية كاريوكا حققت المعادلة الصعبة المستحيلة وانتصرت علي الظلم والقهر والانتهاك فأصبحت نتر للرقص أو الهة.. ورمز من رموز الفن والسياسة والوطن كانت ترفع ذراعيها إلي أعلى كأنها تأمر الجميع بالركوع لجبروت أنوثتها وكأنها توجه رسالة خفية قائلة (سوف أجعلكم تحترمون هذا الجسد وصاحبته يوما ما)،،، لكل راقصة قصة مستترة من العذاب والانتهاك والكسر النفسي والجسدي رقصاتها  تحكيها،،،،،

سهير زكي كانت تدمن الرقص كإدمان المخدرات والخمر فكان هو سر بقائها وسعادتها واعتقد انه ما زال إلي الآن ولكن من وراء الابواب،، كان كل جزء في جسمها منتشي وكان الشعور بالنشوة ينتقل للمشاهد فورا كأنها سمكة كهربية تتلوي في الماء ومجرد أن  تقترب منها أو تلمسها  تتكهرب،،،

مؤخرا ظهر نوع جديد أنا أسميه (الراقصة القردة) وهي راقصة روسية أو غربية أو غير عربية عموما تتقن حركات الرقص إتقانا مريعاً وينبهر بها جمهور عربي عريض انحط ذوقه الفني فأصبح لا يميز بين حركات مكررة آلية، وبين حركات تؤديها روح تُنتزع من بين أحشاء ممزقة وشغاف قلب،، لم يعودوا يعرفون الفرق بين القرد والفنان الحقيقي المعجونة مشاعره والمحفور تاريخه في طين الأرض، المنثور رحيقه في نسماتها إلى الأبد،،،

هناك راقصات يرقصن انتقاما وتحديا، وهناك من يرقصن ذبيحات وهناك اللامبالايات وغيرهن الكثير، لكن المؤكد والذي لا تنتبه  إليه الغالبية أنهم ضحيات لظروف قاتلة ولنظرة شيزوفرينية لمجتمعات تدعي الفضيلة ظاهرا وتصفق لهن علنا ثم تلعنهن سرا،، فطوبي لضحايا حولن عذابهن فنا عذبا يتذوقه الجميع،، طوبي للذبيحات.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى

أنت تستخدم إضافة Adblock

برجاء دعمنا عن طريق تعطيل إضافة Adblock