كرونيك

الخوف من الموت… يمنع الموت…!

لا أومن كثيرا بمعجزات التنمية الذاتية. قد تنجح بعض ألاعيب المدربين أحيانا في كبح المخاوف القديمة أو الإحساس بالفشل والإحباط، ويمكن أن تفتح الباب لطاقة كانت مكبوحة تنام في ركن منسي داخل عقل صاحبها. أومن بالتفكير الرزين وبحكمة التأمل التي يمكن أن تقود إلى قبول التغيير في نمط حياتنا بلا فزع زائد.

لا بأس إذن أن نتشارك بعض التأملات بمناسبة ما يجري داخلنا وخارجنا من نقاشات، وما نختبر من أحاسيس مرتبطة بوضعنا  النفسي خلال انتشار كوفيد السريع والمذهل.

في الحقيقة، قبول فكرة التغيير يمكن أن يكون محفوفا بالمخاطر. فمتى قررت مثلا، أن تخرج في نزهة صغيرة خارج بيتك، فهذا تغيير سهل.

ومع ذلك، فأنت تركب المغامرة.

قد يستغرب البعض ويظن أن هذا كلام مبالغ فيه. أما حجة المستغرب، فهو قطعا مئات النزهات التي قام بها دون أي أثر للمغامرة. فهو لم يصادف أبدا أسدا هائجا يسعى لافتراسه، أو قراصنة بسيوف معقوفة ولامعة، ولباس غريب يحاولون أسره ومقايضته في بلد غريب وبعيد.

إذن، النزهة تمرين أمن وممل في أغلب الأحيان.

لكن هب أنك حاولت بدءا ان تستعمل مصعد العمارة لتصل إلى الطابق الأرضي، فتعطل المصعد فجأة.

ها أنت تبحث جاهدا عن زر إنذار يخبر جيرانك أنك عالق. ثم تكتشف أن الكهرباء قد تعطل، المكان مظلم وبارد.

عقلك الباطن أصابه الهلع، فتتصور أن هواء الصندوق الحديدي قد بدأ ينفذ.

أنت الآن تتنفس بصعوبة وتضرب بكفيك مجتمعين على باب المصعد، تصيح طالبا النجدة.

لا أحد يجيب.

هو مجرد مثال لما قد يطرأ من أحداث، لذا سأشفق عليك وأجعل أحد الجيران يهرع لتشغيل الكهرباء فيتحرك مصعدك نحو بر الأمان.

ثم أتركك تكمل جولتك خارج البيت. قد تصدمك سيارة يجلس وراء مقودها سائق متهور أو مبتدئ أو سكران.

اختر أنت ما شئت. سوف تنتهي حياتك وأنت تحاول فقط أن تعبر شارعا صغيرا، عبرته مرارا دون عناء.

وحتى وإن نجوت من المصعد والسائق، سيكون قدرك أن يعترض سبيلك مجرم بلا رحمة، فيسلبك مالك ويهدد وجودك وسلامتك.

تفضل إذن أن تجلس في البيت، فهو آمن.

سيمر العمر دون أن تسافر أو تغامر بحب سمراء فاتنة لن تقع في حبها، لأنك لم تصل إلى الحديقة القريبة من بيتك حيث ستبدأ قصتكما، بجانب بركة الماء الصغيرة والسخيفة.

أقدر أن بعض المغامرة جلب المتاعب للإنسانية، بينما أكثرها فتح أبوابا لم يكن بوسع كثيرين حتى تخيلها.

والد المخبول هتلر ورطه حبه في إنجاب ديكتاتور تسبب في مقتل ما يزيد على ستين مليون إنسان.

أما كريستوف كولومبوس فقد غير تاريخ البشرية حين غامر بسلك طريق غير مألوف، ففتح باب العالم الجديد لمغامرة لازالت مستمرة.

الخوف من الموت لا يمنع الحياة، بل يمنع الموت.

أحب هذه القولة للروائي الكبير نجيب محفوظ.

كل ما يجري فوق الأرض خطير ومؤهل أن يتحول في أية لحظة إلى نهاية مأساوية.

لكن تذكر أن الحياة هي قطعا ما يسبق الموت، عليك أن تقبل عليها بشغف وبشجاعة.

من الأفضل أن “تخالط” أحداث الحياة وأنت تعمل، وأنت تسافر، وأت تنتج، وأنت تحب وتستمتع، من أن تمضي بقية عمرك تنظر من كوة صغيرة داخل مخبئك البائس إلى الناس وهم يعيشون ويجازفون حين ينبغي المجازفة.

“حيث ينتهي الخوف تبدأ الحياة.”

أوشو

كل وباء وأنتم  بألف خير.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى

أنت تستخدم إضافة Adblock

برجاء دعمنا عن طريق تعطيل إضافة Adblock