الحَصلة…!
يحتاج البشر للسفر.
تحن الروح إلى تغيير المكان والزمان معا.
تعبت السماء من رؤية سكان الأرض يتحولون ببطء إلى شجر.
بل إن الشجر أكثر حرية وبهاء.
الأغصان تتمايل في رقصة مضبوطة مع الريح دون تردد أو وجل.
سيطر الخوف على عقول الناس بعدما استوطنت وجوههم قطع قماش تحبس أنفاسهم وتخفي ملامح الفرح والحزن وكل تقاسيم الإنسانية.
تتجول مشاعر الغضب والكآبة في الشوارع والأزقة، يدا في يد مثل عاشقين مخلصين.
تقلصت رقعة الحركة داخل المدينة، وأصبحت كل خطوة مغامرة غير محسوبة العواقب.
شبح من تعرفون، ولا داعي لتكرار حروفه ورقمه، يترصد الجائلين والمارين.
أتجول مرة أخرى داخل تفاصيل قصة المسخ.
لم يصدق بطل كافكا نفسه وهو يحاول استرداد إحساس كائن بشري بيدين جميلتين وساقين يحملانه حيث يريد.
ها هو يرقد في سريره المعتاد بعد ان أصبح حشرة مقرفة و عاجزة حتى عن المشي.
ما عليك سوى أن تقرأ قصة المسخ مرة واحدة، ليسكن عقلك الباطن توجس دائم من حلول يوم جديد.
قد تستفيق في عالم أخر مختلف تماما عن ما عهدته وظننته وضعا قارا وأبديا.
أقفل كائن مجهري البحر ومنع السباحة والاستلقاء الغبي واللذيذ فوق رمل الشاطئ الساخن.
أقفل كل الأمكنة، ليترك العالم أجمع جالسا في غرفة انتظار كبرى.
يكتشف أربعة أشخاص محشورين قسرا في قاعة انتظار جهنم، أن وجودهم الأبدي مجتمعين ومواجهتهم لبعضهم بحديثهم وقصصهم الخاصة هو الجحيم بعينه.
“لا مخرج” هي مسرحية عن الوجود كتبها جون بول سارتر في أربعينيات القرن الماضي. نُشرت باللغة الفرنسية باسم “وي كلو” ومعناها: دون مشاهدين أو خلف الأبواب المغلقة. ترجمات الإنجليزية اختلفت قليلا: “في الكاميرا”، “لا مخرج”، “نهاية مسدودة”.
استأذن من معلم الوجودية سارتر، وأضيف ترجمة أراها أنسب لما يعيشه الناس اليوم: الحصلة.
قائمة اللاءات مرهقة.
لا تذهب إلى البحر.
لا تسافر.
لا تذهب للسينما ولا للمسرح.
إذا مت، سر في جنازتك وحيدا دون مشيعين مثل رئيس مخلوع أو سفاح مذموم.
قبل ان تموت، ليس عليك أن تصدق كل ما تقرأ. فربما تكون هذه مجرد هلوسات.
يتعين عليك أحيانا السفر بعيداً للعثور على ما هو قريب. باولو كويلو (روائي وقاص برازيلي)