الحزب في عهدك يمشي حافيا سي وهبي…!
ما من عاقل يمكن أن يصدق اليوم أن التغيير قد يحصل في السياسة وبالسياسة في المغرب، خصوصا إذا ما تتبع ما يجري ويدور خارج زمن الانتخابات، أي حين يصير لزاما على الفائزين أن يظهروا ما في جعبتهم من قدرة ومهارة، ولزاما على من خسر أن يتخذ ما يتعين عليه من قرارات.
حسم صوت الناخبين في مكان ومكانة كل حزب. تربعت ثلاثة أحزاب على ما استطاعت من كراسي وزارية، ونالت ما أمكن من سلطة.
استمتع وهبي، الذي كان بالأمس القريب يحلم بلقب وزير، بلحظة قصيرة، ولا شك ممتعة، للتصريح لموظف مجهول ولكافة المغاربة، أنه وبعد ان صار وزيرا، يعرف لون جواربنا، ثم تواضع ايما تواضع حينما أحجم عن ذكر روائح جواربنا أيضا.
القضية فيها المكان، والمكانة، واللون والرائحة.
هكذا إذن، فاز حزب الأصالة والمعاصرة وفاز وهبي بكرسي الوزارة، نسي الحزب ونسي معه وهبي ما كان قد تكدس في المقر القديم الفخم للحزب بشارع محمد السادس بالرباط طيلة سنوات المعارضة: كلام الديمقراطية والحداثة وحركة لكل الديمقراطيين، والأصالة وأشياء أخرى كثيرة لم يسعها المقر الجديد الصغير والمقابل لمقر وكالة المغرب العربي للأنباء بشارع مولاي عبد الله.
وماذا عن الذين لا يملكون جواربا السيد الوزير؟ ومن لا يملكون فكرة عن نوع الجوارب التي تبحث عنها؟
الحزب في عهدك يمشي حافيا سي وهبي.
في المعارضة، قصة أخرى لا تقل فداحة عن قصة الجوارب، وتفوح منها رائحة لا وصف لها، سوى أنها مقرفة.
يستعد لشكر للفوز مرة أخرى بقيادة الاتحاد الاشتراكي للقوات الشعبية.
التفاصيل لا تهم.
الحزب في تراجع مهول منذ عقد من الزمن.
أود ان أسأل لشكر: ما هو الفشل في قيادة الحزب؟
خسر الحزب تباعا في كل الانتخابات التي مرت تحت قيادة لشكر، وتراجع حتى أصبح بحجم منديل جيب بعدما أن كان يشبه وطنا بتعدده وامتداده.
هل يعني الفشل أن يسقط نيزك من السماء ويحطم المقر ويحرق الحاضر والماضي حتى تقر بفشلك في قيادة الحزب؟
في عام 1957، عرض برنامج تلفزيون في قناة بي بي سي مشاهد لعائلة في جنوب سويسرا تجمع محصولها الناجح من السباغيتي من على شجرة.
الخدعة راهنت على مفعول الإعلام في الاقناع، استعان المخرج بصوت صحفي مشهور، فكان أن عدد كبير من الأغبياء صدقوا ما قدمت القناة من كذب، إذا قيل لهم، أن السباغيتي تنمو على الأشجار. أصبح الأمر أكثر واقعية بسبب التعليق الصوتي للمذيع المرموق ريتشارد ديمبلبي.
في خمسينيات القرن الماضي، لم تكن المعكرونة طبقًا معتادًا في بريطانيا، معظم الناس يعرفونها فقط من خلال تناولها معلبة مع صلصة الطماطم. في اليوم الموالي لاذاعة البرنامج، اتصل المئات من الناس بالإذاعة للتشكيك في صحة القصة أو لطلب مزيد من التعليمات حول زراعة السباغيتي.
السباغيتي لا ينمو على الأشجار.
الديمقراطية لا تصنعها أحزاب فاشلة وغير ديمقراطية.
بلا قرف،بلا جوارب.