الحرب في السودان… بعد تعليق مفاوضات جدة، ما مصير السودان والسودانيين؟
تواجه السودان وشعبه مصيرا مجهولا وتتزايد المخاوف وسط المدنيين اي السودانيين بسبب تداعيات الحرب الدائرة خاصة في العاصمة الخرطوم وبعض الولايات الكردفانية ودارفور؛ لذا هناك ثلاثة خيارات لا رابع لها
عمر موسي كاتب وباحث استراتيجي
منذ صدام الجنرالان البرهان وحميدتي في ١٥ أبريل الماضي ٢٠٢٣م، استطاعت الوساطة الأمريكية-السعودية لاقناع الطرفان للجلوس علي طاولة المفاوضات من أجل أغراض إنسانية (المساعدات الإنسانية- فتح ممرات آمنة للفارين من مناطق النزاعات)! حيث وقعت الجيش وقوات الدعم السريع بينهم حوالي عشرة هدنة ومن المؤسف جميع الهدن تم اختراقها واي طرف يرمي اللوم علي الاخر!! وسط حيرة محلية واقليمية ودولية، مما وصف البعض هذه الهدن مجرد تلاعب بعقول الشعب السوداني.
تواجه السودان وشعبه مصيرا مجهولا وتتزايد المخاوف وسط المدنيين اي السودانيين بسبب تداعيات الحرب الدائرة خاصة في العاصمة الخرطوم وبعض الولايات الكردفانية ودارفور؛ لذا هناك ثلاثة خيارات لا رابع لها: اما ان تبقي في المنطقة التي تعيش فيه او تذهب من منطقتك الي أقرب مدينة آمنة داخل السودان وتصبح نازح او تشد الرحال الي دول الجوار وتصبح لاجئ، وهذا ما حدث ولا زال تحدث باستمرار منذ شهر ابريل الماضي حيث هناك عدد كبير جدا من النازحين الذين نزحوا من مناطق النزاع مثل العاصمة الخرطوم الي بعض الولايات السودانية الآمنة( الجزيرة – شندي – النيل الأبيض- النيل الأزرق- بورتسودان – كسلا – سنار) وغيرها، وهناك عدد كبير جدا من اللاجئين السودانيين الذين فرو الي الدول المجاورة مثل (إثيوبيا- مصر – جنوب السودان – تشاد)، من المؤكد الاقلية هم الذين اختاروا البقاء بمناطق النزاع ويعيشون في وضع صعبة للغاية بالنسبة للخدمات الصحية والندرة في السلعة الأساسية وخدمات الانترنت وانعدام التام للأمن كما يحدث بولاية الخرطوم واقليم غرب السودان ( الولايات الأربعة) ماعدا ولاية شرق دارفور الضعين.
حرب إعلامية وتواصلية بين الجيش وقوات الدعم
الجيش السوداني يحارب قوات الدعم السريع بجميع أنواع الحروب سواء كانت الحرب الاعلامي وهي الدعاية والتضليل ونشر بعض الاخبار الكاذبة مثل قوات الدعم السريع تنهب وقوات الدعم السريع تقتل المواطنين وتغتصب النساء وتتمركز داخل المستشفيات وبيوت المواطنين! او الحرب النفسي مثل حميدتي مات وتم القبض علي عبد الرحيم دقلوا ومدفعية عطبرة في طريقهم الي الخرطوم، وتنفيذ الهدنة يتطلب خروج قوات الدعم السريع من الاحياء السكنية والمرافق العامة، اما قوات الدعم السريع اتبع نهج البث المباشر بواسطة مواقع التواصل الاجتماعي الفيس بوك وانستغرام وغيرها من أجل بث المعارك والمواقع التي تتم السيطرة عليها بعد المعركة! هذا قد سببت إحباط كبير وسط الإعلاميين والصحفيين الذين يعملون لمصلحة القوات المسلحة.
مع تزامن تعليق الجيش السوداني مفاوضات جدة التي كانت تجري بينه وقوات الدعم السريع بوساطة أمريكية-سعودية!! وتصريحات قائد القوات المسلحة عبد الفتاح البرهان قد تذهب هذه الحرب في السودان لي مرحلة مفصلية (اما برهان اما حميدتي)، اي قد يتم الاستئناف ما تبقي من المعارك بين الجنرالين تحت شعار لا تفاوض وهذه الخلافات سوف يتم حسمه عسكريآ،،، ربما يكون من أسوأ السيناريوهات التي يشهدها الدولة السودانية عبر التاريخ في حال فشل مبادرة الاتحاد الافريقي المطروحة في الطاولة لتقريب وجهة نظر بين الجنرالين المتنازعين، الجيش السوداني فقدت عدد من المواقع الاستراتيجية بالعاصمة الخرطوم ومحافظاتها الثلاث (الخرطوم – بحري – ام درمان) ولكن مسيطر علي حوالي ١٤ ولاية! ربما هذا يضيف قوة معنوية كبيرة للجيش السوداني وقادته خاصة عندما يكون هناك تعبئة جماهيرية لدعم القوات المسلحة ويتم الترويج عليه عبر وسائل الإعلام المختلفة، من المؤكد الجيش السوداني سوف يرجع الي الخطة ب وهو جلب ارتال من القوات المقاتلة بالولايات الشمالية والشرقية والنيل الأزرق والنيل الأبيض؛ لان الجيش المتمركزة داخل ولاية الخرطوم أصبحت محصور في جميع الاتجاهات وسلاح الجو وحده لا تكفي ولا تعطي اي مفعول من دون قوات برية مدججة بالأسلحة الثقيلة.
قوات الدعم السريع اكتفي بحصار القوات المسلحة السودانية داخل ولاية الخرطوم! وقطع الإمدادات والسيطرة علي المداخل الرئيسية المؤدية الي ولاية الخرطوم وفي نفس الوقت عمل علي تعزيز قواته بارتال من المقاتلين قادمين من غرب السودان، لكن في حالة خسارة قوات الدعم السريع المعركة بالعاصمة الخرطوم تعني خسارة كافة الولايات السودانية يعني عكس القوات المسلحة السودانية اي ما يسمي بجيش البرهان، يبدو أن قوات الدعم السريع بنت خطته علي كيفية السيطرة علي العاصمة الخرطوم ولكن ما وضعت في خطته باقي الولايات الشمالية والشرقية وحتي النيل الازرق وكردفان!!! ممكن الدعم السريع ينتصر في الخرطوم ويحدث تمرد في بقية الولايات التي تتبع للبرهان وتسانده في الحرب التي تدور الان… هذا اكبر عقبة من العقبات قد يقف في وجه قوات الدعم السريع.
في تقديري ان الحرب بين البرهان وحميدتي ذات طابع سلطوي وليس لديه ادني علاقة بمصلحة الشعب السوداني بل هم يتصارعون من أجل كسب تعاطف الشعب السوداني! ذلك من الطبيعي جدا نسمع في خطابات الجنرالين (هذه المعركة من أجل الديمقراطية وهذه المعركة من أجل مستقبل الشعب السوداني… بعد هذه الحرب سوف يتم تسليم جميع المجرمين للعدالة ومواصلة العملية السياسية)، السؤال المحير الجميع، اذا كان حميدتي يقاتل من أجل الشعب السوداني والبرهان يقاتل من أجل الشعب السوداني هنا قد اتفقوا من حيث المبدأ هو الشعب السوداني…. لماذا يقاتلون طيب؟ من الواضح هذا التناقضات التي ضيع طموحات واحلام الشعب السوداني، ومصير الدولة السودانية حكم عسكري لو طال الزمن او قلت…. هذا واقع مرير وفصل من فصول كتاب الدكتاتورية السودانية.