التطبيع مع الغش
انتهى بث القنوات المغربية لدروس التعليم عن بعد. ساهم عدد كبير من الأساتذة في إعداد وتقديم مادة علمية وأكاديمية رافقت التلاميذ والطلبة المحشورين قسرا داخل بيوت أهلهم، بينما الأقسام والمدرجات فارغة خلال فترة الحجر الصحي.
احتفظ الوزير امزازي بامتحان البكالوريا بعد أن قرر أن يمنح العطلة والنجاح في عرض فريد لأغلب المستويات الأخرى.
الامتحان مثل الحرب، يحتاج للاستعداد الجيد قصد النجاح. ومثل الحرب، قد تنتصر بجيش منظم وتدريب عال، وقد تنتصر كذلك باستراتيجيات أخرى.
قيل قديما، الحرب خدعة.
خلال الحرب العالمية الأولى، استعانت البحرية الملكية البريطانية بسفن حربية مموهة في شكل مركبات تجارية بريئة تنقل سلعا مدنية.
كانت سفنا تجارية محملة بأسلحة ثقيلة جدا مخفية بعناية.
استدرجت هذه السفن غواصات العدو النازي حتى تطفو بالقرب منها ثم هاجمتها بمدافعها الثقيلة وأغرقتها.
يجوز طبعا أن تخدع العدو في الحرب.
لكن لا يجوز أبدا أن تخدع أهلك ومجتمعك خلال الامتحان، إن فعلت، فأنت غشاس.
هناك بون شاسع بين خدع الحرب والغش في الامتحانات.
خلال عقدين من الزمن، تطور الغش بسرعة. انتقل من بضع قصاصات مدسوسة بعناية تحت ورقة الامتحان أو في ثنايا اللباس، إلى صناعة حقيقية تعتمد على شبكات المحمول وتستخدم تكنلوجيا مذهلة تشبه أفلام جيمس بوند.
يقتني بعض أولياء الأمور عدسات ومعدات استقبال باهظة الثمن لتمكين فلذات أكبادهم من سرقة دبلوم لا يستحقونه.
كل سنة تدخل الدولة في حرب حقيقية ضد ظاهرة الغش المشينة.
التشريع الجيد والتنسيق الواسع بين التربية الوطنية والداخلية يمكنان من ضبط عدد “محترم” من الغشاشات والغشاشين، خلال كل موسم.
أخطر حليف للغش في الامتحانات هو التطبيع. لم يعد يخجل البعض من المجاهرة بالغش، بل وحتى بالمطالبة بالتغاضي عنه من باب “الرأفة.”
الحرب شيء بشع، لكنها ليست أبشع الأشياء؛ فالشعور الأخلاقي والوطني الفاسد والمهين بأن لا شيء يستحق القتال، هو أسوأ بكثير من الحرب نفسها.
جون ستيوارت ميل، فيلسوف انجليزي (1806-1878.)
الشهادة المدرسية تستحق أن تقاتل من أجلها بالعلم والاستعداد وبشرف، وإلا فقد تنالها بالغش ولكنك ستخسر احترامك لنفسك.
وإلى آخر يوم في حياتك.