سياسية

البيجيدي حزب اللهطة والبيليكي

لم يتفاجأ الرأي العام وهو يتابع سُعار النائب البرلماني والوزير السابق والقيادي في حزب العدالة والتنمية داخل قبة البرلمان مهاجما الفيسبوكيين وكل المطالبين بإلغاء معاشات البرلمانيين والوزراء (واش دابا البرلمان غادي يخدم بيليكي؟ الحكومة غاتخدم بيليكي؟ واش الولاة والعمال غايخدمو بيليكي؟ واش المدراء ورؤساء الأقسام والموظفين غايخدمو لله؟ هذه شعبوية خاصنا نتصداو لها وما نخافوش من هجوم ما يسمى بالمؤثرين الاجتماعيين. ما الذي صنعه لنا هؤلاء المؤثرون الاجتماعين؟ أين هي الثورة التي أنتجوا؟ بالعكس يضببون المشهد السياسي والاقتصادي والاجتماعي في البلاد  وعوض يخليو  الوضوح ويخليو الأحزاب تقوم بالدور ديالها  تيديرو التمشخيت… يحساب لهم دابا غادي يخلعونا حيث تنشد واحد الأجر آخر الشهر، يجيو عندنا نجلسو معهم ونشوفو الوضعيات السابقة ديالنا التي كانت.. يجلسو معانا نحسبو بالدرهم ونشوفو الوضعيات الحالية).

وطبيعي أن يكون سعار عمدة فاس والنائب البرلماني بهذه الخسة التي تعبر عن “لهْطة” الحزب إلى المال العام والجمع بين التعويضات والمعاشات والأجور؛ الأمر الذي أثار موجة غضب عارمة  ضد البرلماني وحزبه وسط رواد المواقع الاجتماعية الذين باتوا يشكلون قوة مدنية مؤثرة على الحياة السياسية وقرارات الحكومة. فالنائب البرلماني، أثناء سعاره، لم يكن يعبر عن رأيه الشخصي وإنما عن موقف الفريق البرلماني الذي يترأسه ومن خلفه كل الحزب، بدليل أن نائبة برلمانية من نفس الهيأة ساندت سعار زميلها واعتبرته تعبيرا عن موقف الفريق برمته؛ فضلا عن هجمات القذف التي يشنها أعضاء من الحزب في حق الفيسبوكيين. من شدة لهطة هذا النائب البرلماني أنه لم يعد يميز بين الوظيفة وبين المهمة الانتدابية، فصار لديه الوزراء والنواب البرلمانيون مثلهم مثل الولاة والعمال والموظفون يحق لهم الاستفادة من المعاشات مدى الحياة.

لا يا سيادة النائب، لكل وظيفة أجر  ثم معاش، أما المهمة الانتدابية فهي تطوعية يتقاضى عنها المنتخَب تعويضا ينتهي بانتهاء أداء المهمة. أما الجمع بين المهام والتعويضات فهو جريمة في حق الشعب والوطن والشباب العاطل الذي لم يجد فرصا للعمل والمساهمة في إنتاج الثروة. هذا هو النائب البرلماني الذي كان هو وأعضاء حزبه يطالبون بإلغاء المعاشات للمهام الانتدابية فغدوا أكثر تشبثا بها ولم يعد أحد منهم يتذكر ما قاله بنكيران، زمن المعارضة، من كون الفقراء والمحتاجين أولى أن تُصرف عليهم الأموال المرصودة لمعاشات البرلمانيين والوزراء.

إن لهطة الحزب وتمسكه بالريع السياسي والاغتناء من المال العام بالجمع بين التعويضات والمعاشات والأجور أنست قيادته كل الشعارات والخطب التي كانت تتفوه بها داخل البرلمان زمن المعارضة، وكذا هجومها على حكومة الراحل عبد الرحمان اليوسفي على خلفية معاشات البرلمانيين والوزراء. لم يكن حينها البيجيديون قد ذاقوا أموال الريع والجمع بين التعويضات ولا استمتعوا، بعدُ، بنعيم السلطة والريع. لهذا كان خطابهم لا يخلو من الإحالة على تقشف الخليفة عمر بن الخطاب وما يُنسب إليه من أنه كان يخاطب معدته إذا اشتد بها الجوع (غرغري أو لا تغرغري فلن تذوقي سمنا ولا زيتا حتى يشبع فقراء المسلمين). لكن ما أن تولوا السلطة وقيادة الحكومة حتى انقلبوا على شعاراتهم وخانوا وعودهم التي احتالوا بها على الناخبين لسرقة أصواتهم، وفكّوا أحزمة بطونهم وما عادوا يتركونها “تغرغر”؛ بل أغرقوها في الملذات. لقد تداعى البيجيديون إلى المال العام كما تداعى الأكلة الجياع  إلى “القصعة”، فعدّدوا المهام ليُعدّدوا التعويضات.

وبهذا أثبتوا أن الإحالات الدينية التي دبجوا بها خطبهم لم تكن سوى متاجرة بالدين من أجل المكاسب والمناصب. لقد طالبوا حكومة اليوسفي بإلغاء معاشات البرلمانيين والوزراء، وحيث يطالب اليوم برلمانيون ورواد المواقع الاجتماعية حكومة البيجيدي بنفس المطالب أشتد سُعارهم (البيجيديون) بعد أن عطلوا قانون رقم 99-77 الذي “يمنع بموجبه الجمع بين الأجرة والمعاش أو أي إيراد آخر يدخل في حكمه”، وهو القانون الذي أصدرته حكومة اليوسفي. بديهي أن يخلفوا وعودهم ويتمسكوا بالجمع بين التعويضات والمعاشات والأجور، لأنهم جاؤوا إلى الحكومة “باش يديرو لاباس” أي يغتنون كما أعلنها بنكيران يوم كان رئيسا للحكومة وأمينا عاما للحزب في إحدى اللقاءات التنظيمية لحزب العدالة والتنمية: (علاش جينا ؟واش جينا باش  نحلو مشاكلنا أو مشاكل الدولة والمجتمع؟ نْحلّو شوي ديال المشاكل دْيَالنا وتتحسن الحالة المادية  ديالنا ما فيها باس). الهدف واضح ومعلن عنه منذ بداية الولاية الأولى لحكومة البيجيدي، أن مصلحة أعضاء الحزب مقدمة على مصلحة الوطن والشعب ؛ فظهرت عليهم نعمة السياسية والحكومة والمناصب . وصدق حمزة الحزين في وصفه لهم:

نقْصُو من لحاهم يا أسفا

وزادت بطونهم مسافة

خشاو روسهم في العلافة

ولا خلاو فيها حشلافة

نساو الأحاديث وما كان في عهد الخلافة.

لعل المغاربة عموما والفيسبوكيين خصوصا، بعد هذا السُعار الذي انتاب قيادة البيجيدي ضدهم، يدركون اليوم الأهداف الحقيقية التي جعلت حكومة العثماني تتقدم بمشروع قانون “تكميم الأفواه” 20.20  في أبريل 2020، والذي كان لهم (= الفيسبوكيون ) فضل التأثير  والضغط عليها لسحبه. لقد أدرك البيجيدي أن المعارضة الوحيدة التي تواجهه وقادرة على إفشال مخططاتها هي التي يشكلها الفيسبوكيون. لهذا هاجمهم البرلماني إدريس اليزمي وحاول يائسا السخرية منهم بالسؤال “أين الثروة التي أنتجوا”؟.

الفيسبوكيون يا سيادة النائب/العمدة/الوزير السابق الذي تم إعفاؤك لعدم كفاءتك، لا ينتجون الثروة بتدويناتهم، بل هم من يفضح ناهبي المال العام ولصوص الدين والوطن والملهوطين على الريع.

الثروة يا سيادة العمدة، المفروض أن تنتجها الحكومة ببرامجها ومخططاتها التنموية، لا أن تنتظر من الفيسبوكيين إنتاجها. مهمة الفيسبوكيين هي مراقبة الحكومة وطريقة تدبيرها للشأن العام والتصرف في المالية العمومية. فأنت وحزبك اعتليتم المهام الانتدابية لتمثيل المواطنين والدفاع عن مصالحهم لا لشفط المال العام.

ليكن في علمك أن الشباب الذين تطلب منهم أن ينتجوا الثورة أقصتهم حكومة حزبك وأغلقت في وجوههم فرص التوظيف والعمل والاستثمار. فهل أذكّرك بفتاوى فقهاء حزبك وبعض قادته بتحريم الاستفادة من قروض برنامج “انطلاقة” لدعم المقاولين الشباب؟ أو أذكّرك بقرار حزبك فتح المجال للغزو الاقتصادي التركي الذي شرّد عشرات الآلاف من اليد العاملة والأطر بعد إفلاس الشركات والمقاولات؟ لعلك لم تعد تتذكر ما قاله بنكيران، وهو رئيس الحكومة حينها، للمغاربة ( ماعندناش لفلوس باش نعطيوكم ولو كانو عندنا ما غانعطيوكمش).

لهذا، يكفي الفيسبوكيين شرفا أنهم هم الذين يتصدون اليوم لحزب لا ينتج الثورة لكن يلهفها “بيليكي”.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى

أنت تستخدم إضافة Adblock

برجاء دعمنا عن طريق تعطيل إضافة Adblock