مدارات

الإعلام في عصر صحافة الذكاء الاصطناعي: نقلة نوعية أم تحدي؟

لتطور الإعلام علاقة قويّة مع تطور التكنولوجيا وتطور عصر الآلة، فبعد الثورة الصناعية الأولى خلال منتصف القرن 18 في بريطانيا التي استَخدمت المحركات البخارية وأدت إلى تطور في حركة الكتابة الصحفية وظهور وكالات إخبارية مثل وكالة رويترز، ظَهرت الثورة الصناعية الثانية التي اعتمدت على الكهرباء وظهور الراديو والتلغراف، ثم الثورة الصناعية الثالثة التي عرفنا فيها الانترنت والكمبيوتر "الإعلام الجديد" المرحلة التي لا زِلنا نخوضها حتى الآن، لكن في لمح البصر ظهر تمرُّد صناعي رابع وهو الانتفاضة التي نعيشها الآن، أي ظهور الذكاء الاصطناعي...

بشرى نقادي

يَرى محمد عبد الظاهر مدير مؤسسة صحافة الذكاء الاصطناعي، أن تطور الإعلام لديه علاقة قويّة مع تطور التكنولوجيا وتطور عصر الآلة، فبعد الثورة الصناعية الأولى خلال منتصف القرن 18 في بريطانيا التي استَخدمت المحركات البخارية وأدت إلى تطور في حركة الكتابة الصحفية وظهور وكالات إخبارية مثل وكالة رويترز، ظَهرت الثورة الصناعية الثانية التي اعتمدت على الكهرباء وظهور الراديو والتلغراف، ثم الثورة الصناعية الثالثة التي عرفنا فيها الانترنت والكمبيوتر “الإعلام الجديد” المرحلة التي لا زِلنا نخوضها حتى الآن، لكن في لمح البصر ظهر تمرُّد صناعي رابع وهو الانتفاضة التي نعيشها الآن، أي ظهور الذكاء الاصطناعي، الذي أصبح يُعتبر سلوك وخصائص معينة تتسم بها البرامج الحاسوبية تجعلُها تُحاكي القدرات الذهنية البشرية، العقلية، وأنماط عملها، يُعرّف أيضاً على أنه نظام تبديه الآلات، البرامج، وقدرة الحاسوب الرقمي على الأداء المُرتبط بالكائنات الرقمية، ويعد مزيج من التقنيات المختلِفة التي تمكِّن الآلات من الفهم، التعرف، والتعلم بذكاء يُشبه ذكاء الإنسان.

قفزة الذكاء الاصطناعي

لقد أصبح مصطلح الذكاء الاصطناعي كثير الاستخدام في الآونة الأخيرة، حيث إنه خلال السنوات الأخيرة، قَفز التطور في تقنيات الذكاء الاصطناعي قفزات كبيرة، مثل تقنية التعلم العميق التي ترتكِز على تطوير شبكات عصبية صناعية تحاكي في طريقة عملها أسلوب الدماغ البشري، تستَطيع التقنية التعرف على الصور والكلام وفهمه والترجمة من لغة إلى لغة أخرى، وظهرت عدة تقنيات جديدة مثل انترنت الأشياء، طباعة ثلاثية الأبعاد، تطبيقات تحلل البيانات الضخمة لإنتاج تقارير صحفية، انترنت الأجسام، البرمجة، الحوسبة السحابية، البلوك تشين، التسويق الروبوتي، برنامج CHATgpt الذي ظهر عام 2015 عندما قام فريق من الباحثين في OpenAl  بإطلاق مشروع يُقدم خدمة توليد النصوص والصور اعتمادا على بيانات موجودة سابقاً وبتقنية التعلم الآلي، أي إنتاج المقالات من خلال تدريبه على ملايين النصوص وتقنية الرؤية الحاسوبية التي تعمل على توليِد صور جديدة اعتماداً على صور موجودة سابقاً مما جعله أفضل برنامج توليد النصوص على الانترنت، ثم نصل إلى تقنية الروبوت الصحفي عندما طور قوقل google محرر آلي ضمن مشروع خدمة أخبار قوقل عام 2002.

وخلال عام 2010 طورت شركة ناتونيف سيايشن الناشئة برنامج الذكاء الاصطناعي “كويل” لجمع وتحليل البيانات وتحويلها إلى أخبار مفهومة وقابلة للنشر كما يستَطيع كتابة التقارير الصحفية مثل البشر، وفي نفس السنة طورت مؤسسة narative science أداة لكتابة القصص الصحفية بالذكاء الاصطناعي، كما استعملت مختبرات  bbc news  الذكاء الاصطناعي عام 2012 من خلال أداة juica لجمع الأخبار واستخراج وتصنيف المحتوى والبيانات التي تمتلك الشبكة البريطانية كماً هائلاً منها، بالإضافة إلى المصادر الأخرى، كما استعَانت صحيفة النيويورك تايمز عام 2015 بالذكاء الاصطناعي و التعلم الآلي لمُساعدة الصحفيين في تحرير المقالات والعناوين وصياغة الكلمات المفتاحية من خلال أداة editor ، أما واشنطن بوست امتلكت عام 2016 روبوتاً آلياً يُدعى heligraf اعتمدت عليه في تغطية دورة الألعاب الأولمبية و طورته في تغطية الانتخابات الأمريكية و قد أنتج heligraf 500 مقال، أول مُذيعة روبوت في اليابان ظهرت عام 2018 باسم “إيريكا” وفي نفس العام أعلنت الصين أول روبوت صَحفي باللغة الانجليزية .

وقد أعلنت وكالة الأنباء الكويتية كونا هذا العام إطلاق أول مذيع أخبار روبوت لها يعمل بتقنية الذكاء الاصطناعي، وقبل بِضعة أيام أطلقت قناة الجزيرة العربية أول مذيعة روبوت لها في القناة تعمل أيضا بتقنية الذكاء الاصطناعي وهذا ما ي يُسميه الآن الباحثين بعصر صحافة الذكاء الاصطناعي، أما مؤخراً بدأ محرك البحث قوقل يستخدم الذكاء الاصطناعي لتسهيل البحث في جيميل عن طريق تسهيل البحث عن الرسائل الالكترونية ضمن نموذج التعلم الآلي، وفي عام 2020 قدمت bbc صوتا تم توليده بالذكاء الاصطناعي لقراءة المقالات المنشُورة على موقعها، لكن من جهة أخرى هناك مُؤسسات إعلامية في معظم بلدان العالم أضحت تواجه عقبة ظهور تقنيات الذكاء بسبب عدم استطاعة استخدامها ذريعة لخوفها من فقدان الوظائف وتغيير إجراءات العمل والتكلفة الكبيرة للتطوير، أي أنها الآن بحاجة لتوظيفها مثل صحافة الروبوت والتقنيات الأخرى، وإلا سوف تفقد مُستقبلها لاحقاً.

تحول نحو تقنيات الذكاء الاصطناعي

يشهد الإعلام في العصر الحالي تحولاً كبيراً نحو تقنيات الذكاء الاصطناعي، هذا الأخير تمثل في ظهور صحافة الذكاء الاصطناعي في الآونة الأخيرة، صحافة تتوافق مع الثورة التكنولوجية الجديدة وهي المستقبل القادم للإعلام، حيث تُعرف على أنها توظيف واستخدام تقنيات الذكاء الاصطناعي في الإعلام، وسيُصبح الاعتماد على أحدث الأقمار الاصطناعية التي تفوق سرعة الانترنت وعلى الروبوتات وتغطية الأحداث، كما تم استخدام هذه التقنيات في البعض من المؤسسات الإعلامية المتطورة مثل وكالة الرويترز، صَحيفة الواشنطن بوست، قناة الجزيرة، بسبب تأثُّرها بهذا التحول، وللعلم أن هذه الأخيرة ستُؤدي إلى إعادة هيكلة وسائل الإعلام من جديد وبالتالي سيُصبح الاعتماد كليا من قبل وسائل الإعلام على تقنيات الذكاء الاصطناعي في المُستقبل.

ما يجب أن يعرفه أي صحفي الآن، هو كم التطبيقات التي عليه تعلمها واستخدامها ليتمكن من إنجاز قصة يصعُب على منافسه الآلي إنجازها مثل الروبوت، فقد قال المدير التنفيذي لمجموعة الإعلام الألمانية أكسل سبريتغز ماتياس دوبفينيز أن الصحفيين معرضين لخطر استبدالهم بأنظمة الذكاء الاصطناعي مثل CHAT GPT وسيكون قريبا أفضل في تجميع المعلومات من الصحفيين البشر، حتى أن بعض المِنصات الالكترونية أصبحت لديها بعض تقنيات الذكاء الاصطناعي تعمل على صناعة توصياتٍ كاذبة على السلع  الخدمات أكثر من الصحفي نفسه، وهذا بحد ذاته يشكل تحديا كبيرا له، ويوضح عبد الظاهر أن هُناك العديد من تقنيات الذكاء التي تكشِف المحتوى الزائف وترصده لمعرفة مصدره الأساسي، ويقول أنه في الماضي كنا نتحدث عن أهمية القراءة والكتابة أي عدم امتلاك الصحفي المهارات الخاصة بعمله، لكن الآن سنتحدث عن امتلاكه للمهارات الجديدة في عصر الذكاء، خاصة أن المؤسسات قبل أن تدمِج تقنيات الذكاء يجب أن تبدأ بالأساس في تنمية المهارات البشرية حتى تَستفيد قدر الإمكان من تلك التقنيّات.

المراجع ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

سليمة البال، عبد الظاهر صحافة الذكاء الاصطناعي، مقال الكتروني، القبس، 28 أكتوبر 2019، ALQABS بيان القاضي،

توظيف صحافة الذكاء الاصطناعي في المؤسسات الإخبارية، مقال الكتروني، منظمة المجتمع العلمي العربي، 15 جويلية 2021، ANSCO .org، رماح الدلقموني،

الذكاء الاصطناعي ماهو؟ وما أبرز مظاهره؟، مقال الكتروني، الجزيرة، تاريخ النشر، 2022 الجزيرة. عمرو أحمد الأنصاري،

كيف تستعين بالذكاء الاصطناعي لخدمة عملك الصحفي، مقال صحفي، 4 أكتوبر 2022، International journalistes  network فيولا مخزوم،

تحول الإعلام في عصر الذكاء الاصطناعي، مقال الكتروني، الميادن، تاريخ النشر 5 ماي 2023 ابراهيم شمص،

الذكاء الاصطناعي هل تهدد هذه التكنولوجيا مستقبل فرص الصحفيين، مقال الكتروني، BBC NEWS 23  ماي 2022.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى

أنت تستخدم إضافة Adblock

برجاء دعمنا عن طريق تعطيل إضافة Adblock