كرونيك

الأمل…!

في مديح الأمل، قيل كثير من جميل الكلام ووافر الحكمة.

الأمل يحيي الروح ويهب قدرة عجيبة على تحمل حاضر مؤلم وظرف قاس.

سنة 1946، كتب الشاعر محمد بيرم التونسي قصيدة مذهلة بالعامية المصرية عن الأمل، وضع لها زكريا أحمد لحنا شجيا، ثم تكفلت ام كلثوم بأدائها في  أغنية هي شلال من الآهات والمواويل الفريدة.

في 1950 قبل ثورة 23 يوليو، كانت الأوضاع الاجتماعية في مصر كارثية، رغم ذلك ردد إعلام الملك فاروق عبارات من قبيل:

“الموضة كانت تظهر في مصر قبل باريس”، أو “بريطانيا كانت عليها ديون لمصر أيام الملك”، وغيرها من الخرافات التي يكذبها انتشار الفقر والجوع بين المصريين آنذاك.

بحديقة الأزبكية، في فاتح يونيو 1950، أدت ام كلثوم أغنية الأمل أمام جمهور متعطش للفن الراقي، وحالم أيضا بمستقبل أفضل للبلد.

صدحت ام كلثوم بهذه الأبيات لشعب جائع ومفقر يحلم بالتغيير:

بالأمل أسهر ليالي

في الخيال وابني علالي

وأجعلك فيها نديمي

وأملكك ليلي ويومي

لم يكن الشعب في حينها يملك لا ليله ولا نهاره ولا حتى كسرة خبزه اليومي.

بعد سنتين، حلت ثورة 23 يوليو أو انقلاب 23 يوليو وهي تحرك عسكري قاده ضباط جيش مصريون ضد الحكم الملكي وعرف في البداية باسم “الحركة المباركة” ثم أطلق عليها ثورة 23 يوليو عقب حل الأحزاب السياسية وإسقاط دستور 1923 في يناير 1953.

لم يتحقق من وعود الضباط الاحرار إلا القليل القليل لفائدة الشعب المصري. تداول على منصات الخطابة عدد من  الحكومات وكلها وضعت المخططات وبشرت بالمستقبل الأفضل، ثم  حل “الربيع العربي” بحكامه الملتحين الذين لم يستمروا طويلا بعد أن ظهر أن من بين مشاريعهم حرمان المصريين حتى من ترديد أغانيهم وإنتاج فنهم.

الوعود تتغير وحالة الشعب في تراجع دائم.

من أسرار لعبة الأمل أن كل شيء مفرح يحدث غدا او بعد غد، في سنة أو في ألف سنة.

ما يهم هو ترسيخ الإيمان بوجود تغيير قادم.

يقول شكيب بن موسى أن أهداف خطته المحكمة ستكون ملموسة وحقيقية بحلول سنة 2035، ويردد بعض العقلاء أن لا مناص من نقاش هادئ للخطة، دون أفكار مسبقة ودون تحيز لطرح ما.

أم كلثوم غنت ببراعة قصيدة عامية أخرى، تقول في أحد أجمل ابياتها:

ما تصبرنيش بوعود وكلام معسول وعهود انا يا ما صبرت زمان.

بين الأمل والصبر خيوط خفية لا ترى بعيون السياسيين، المشغولين بشرح الخطط وتبسيط المفاهيم.

سأحدثكم عن الصبر قريبا، أما اليوم فتشبثوا بالأمل فقط.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى

أنت تستخدم إضافة Adblock

برجاء دعمنا عن طريق تعطيل إضافة Adblock