الأسود “يبنجون” وصيف بطل العالم في “البيت”
"مستعدون للموت من أجل القميص، وإن لم نستطع، سنموت ونحن نحاول".
جمال اشبابي
نجح المدرب وليد الركراكي، في إيجاد الجرعة المناسبة لتبنيج منتخب الكروات، وكان لمفعول وصفته السحرية، أثر قو في تنويم الفريق الخصم بفضل تفوقه في إيجاد توليفة مكونات خلخلت صفوف أصدقاء مودريتش على رأس فريق قوي وبسجل تاريخي كبير، وبددت كل أحلامه في الحصول على ثلاث نقاط سهلة.
وتكمن أبناء الركراكي من تطبيق خطة أربكت حسابات الخصم، وبعثرت أوراقه، إلى حد الإختناق في أحيان كثيرة من فترات اللقاء، الذي جمعهما صباح اليوم وانتهى بصفر لمثله.
ودون مقدمات، رفع وليد الركراكي الستار سريعا في واقعة المنتخب الوطني المغربي في مواجهة “ظيفه” الكرواتي، لتسقط برفعه كل الأقنعة، أقنعة زملاء مودريتش، والهالة التي صور لنا بها هذا “البعبع” الكروي الذي تهابه أعتى منتخبات العالم.
ولم يكن من قبيل الصدفة أن تتوارى خلال هذا النزال شخصية البطل الكرواتي وصيف بطل العالم، فاسحة المجال لأسود الأطلس، ليقولوا للعالم أجمع، “نحن مستعدون للموت من أجل القميص، وإن لم نستطع، سنموت ونحن نحاول”. على الأقل، كان أصدقاء أمرابط وبعض من استماتوا من أجل ذلك في الموعد.
التحلي بالواقعية والنجاعة وتفادي الأخطاء القاتلة
وخلافا لكل التنبؤات، أظهر نزال اليوم، خاصة ضد هكذا خصم من العيار الثقيل، بأنه نزال لا شك أن وليد وضع له قراءة خاصة وحضره جيدا، ولا شك أيضا، أنه توصل إلى قناعة لعب المباراة على أرضية الملعب لا على الورق، فكانت فعلا مقابلة تصبب خلالها عرق اللاعبين المغاربة إلى لحظة صافرة النهاية، مباراة دخلها أبناء الركراكي بتعليمات التحلي بالواقعية والنجاعة وتفادي الأخطاء القاتلة.
صحيح أن منتخب الأسود لم ولن يقنع الجميع، لكن يجب التذكير، أنه كان ينازل خصما من عيار ثقيل، وفي ذاكرتهم الإقصاء من مونديال روسيا، وهزيمة قاسية أمام أيران في المقابلة الأولى، والخسارة في مقابلة اليوم، كانت تعني وضع الرجل الأولى في إقصاء محتمل.
ولنكن صرحاء، فالأسود، وليس كل الأسود، أدوا مقابلة بطولية، وقاوموا الٱلة الكواتية، لكنه يعاب على بعضهم التهاون، وعلى بعضهم الٱخر، أنهم إحترموا الخصم في بعض فترات المقابلة أكثر من اللازم.
فلم يتوانى أغلب لاعبي المنتخب المغربي، عن بذل الجهد للحصول على نقاط المقابلة، من خلال إظهار شحنة هائلة من الطاقة، بفضل تمركز سفيان أمرابط في وسط الملعب أمام دفاع لا تشوبه شائبة بقيادة الكابتن رومان سايس. كما أدى أشرف حكيمي مجهودات معتبرة ومهمة في جهته. في الوقت الذي تولى ياسين بونو مسؤولية التصدي لكل الكرات القليلة الساخنة التي كان عليه أن يبعد خطرها.
رغم كل الجهود المبذولة، لم يتمكن أبناء وليد الركراكي، الذين إضطروا للتعامل مع إصابة نصير مزراوي (إصابته في الورك) بعد مرور ساعة من عمر اللقاء، وهم مؤازرين بجماهير غفيرة داخل ملعب “البيت”، وكأن منتخبنا كان يلعب حقا داخل البيت.
فخصم الأسود هو وصيف بطل العالم في الكأس الأخيرة، خصم يمتلك وسط ميدان من طراز عال، ورغم قوته، أجمع المتتبعون من محللين ووسائل إعلام، أن المنتخب المغربي كان الأقرب للفوز، بإضاعته للفرص القليلة التي أتيحت له، ما كان سيخول له اللعب بأريحية نسبية أمام خصميه المقبلين، بلجيكا وكندا على التوالي.
حقا، تحصل منتخبنا على نقطة واحدة، لكنها نقطة ثمينة، نقطة قد تساوي ذهبا، فلكسب المقابلة كان لزاما الحسم في جزئيات صغيرة، فالإستحواذ على الكرة من طرف الكروات بنسبة 65٪، لم يكلل بأي شيئ، كما لم تاتي التغييرات التي أجراها وليد في الشوط الثاني أكلها. وظلت النتيجة سلبية، وكان من الممكن أن تنتهي لصالح هذا الجانب أو ذاك.
أمرابط، بونو، سايس، حكيمي، أداء يستحق التنويه
وبقراءة لأداء لاعبينا، تفوق الحارس بونو في جميع تدخلاته خاصة الكرات العالية، وكان أشرف حكيمي، بالتأكيد اللاعب المغربي الأكثر تأثيرا في اللعب، بل والأخطر، مع صلابة دفاعية، إذ قدم الجناح الأيمن لباريس سان جيرمان الكثير في الجانب الهجومي مع إختراقات وضعت الدفاع الكرواتي في مصاعب. وكادت تسديدته القوية من ضربة خطأ مباشرة (د65) أن تصيب الهدف، وهو ما يبشر ببداية جيدة للغاية في كأس العالم الحالية لحكيمي.
أما رومان سايس فكان قائد الدفاع القوي للأسود بمعنى الكلمة، كان الكابتن ذا قيمة خاصة في تصديه المباشر لكراماريك إذ قام بتكميمه تماما. وكان لصلابته الدفاعية دور فعال في نظافة شباك ياسين بونو.
ومن جانبه، كاد المزراوي أن يضع الكرة في الشباك برأسية (د51)، لكن إصابته وتعويضه بعطية الله، (د59) حالت دون مواصلته للمهام المنوطة به.
النقطة السوداء في تشكيلة الأسود كانت اللاعب أوناحي، إذ غالبا ما تم تجاوزه من طرف اللاعبين الكروات، كما أنه خسر التحدي البدني أمام لاعبي الفريق الخصم. ينضاف إليه اللاعب أملاح، خاصة أنه كان مقصرا دفاعيا في العديد من المرات.
وبالنسبة بوفال، لاحظ الجميع أنه أكثر من المراوغات في الشوط الأول، ورغم أنه إكتسب بعض القوة تدريجيا بعد ذلك، وجلب المزيد من الحلول والتحركات، لكنها لم تكن كافية ليتم تعويضه بالزلزولي (د65)، الذي لم يكن في يومه وإختلطت عليه قدماه وفشل في كل في مراوغاته.
أما اللاعب أمرابط اعتبره المتتبعون رجل اللقاء دون منازع، وكان تأثيره كبيرا في خط الوسط، ورغم إضاعته لبعض الكرات، إلا أن قتاليته وإستعادته العديد من الكرات كان دون جدال.
وبالنسبة لحكيم زياش، فلم يكن هو بدوره في يومه رغم أنه لم يدخر جهدا، لكنه كان دون نجاعة من شأنها أن تهدد مرمى الخصم، أما النصيري فكان شبه معزول، ولم يكن قادرا على إظهار الكثير، لكنه كان حاسما دفاعيا، خاصة أمام باساليتش (د7)، وتم تعويضه بحمد الله (د81) غير أن الأخير ورث العزلة بدوره.